السلام ـ غير أنه قام الدليل على امتناع كونه مشاركا للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى الرسالة ؛ ولهذا قال ـ عليهالسلام : «إلّا أنه لا نبى بعدى» فوجب أن يبقى مفترض الطاعة على الأمة بتقدير بقائه بعد النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عملا بالدليل بأقصى الإمكان ، ولا معنى لكونه إماما إلّا هذا.
التاسع : قوله ـ عليهالسلام ـ : «سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين» (١) وقوله ـ عليهالسلام ـ [لعلى] (٢) : «أنت أخى ، ووصيى ، وخليفتى من بعدى ، وقاضى دينى ، ومنجز وعدى» (٣) أثبت كونه خليفة بعده ، ولا معنى للإمام إلّا هذا.
العاشر : أنه ـ عليهالسلام ـ استخلف عليا على المدينة ، ولم يعزله عنها ؛ فوجب أن يبقى خليفة له بعد موته ـ عليها ويلزم من ذلك الخلافة فى جميع الأمور ضرورة أن لا قائل بالفرق (٤).
والجواب : قولهم : لا نسلم أن وقوع ذلك بمشهد من الجمع الكثير مما يوجب اشتهاره مدفوع بما ذكرناه.
وأما الإقامة فإنه إذا كانت / من عظائم الأمور ، وأنها وقعت بمشهد من المشهد الكثير ، غير أن الاختلاف فى روايتها مثنى ، وفرادى إنّما كان لاختلاف المؤذنين فى عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلعلّ منهم من كان يقيم مثنى ، ومن كان يقيم فرادى ، ونقل كل واحد ما رآه وسمعه ، وكان منشأ الاختلاف بين الأئمة فى ذلك.
وأما انشقاق القمر فمن أصحابنا من منع وقوعه ، وتأوّل قوله تعالى (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (٥) على معنى سينشق (٦) ، وبتقدير وقوعه ، فلعله وقع لا بمشهد جماعة يحصل العلم بخبرهم
__________________
(١) وقد نقد ابن تيمية هذا الحديث وقال عنه إنه موضوع فى منهاج السنة ٤ / ١٠٣ فقال : «وكل من له أدنى معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب موضوع لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث فى كتاب يعتمد عليه ، لا الصحاح ، ولا السنن ، والمسانيد المقبولة».
(٢) ساقط من «أ».
(٣) سبق تخريجه فى هامش ل ٢٧٠ / أ.
(٤) قارن بما ورد فى المغنى للقاضى عبد الجبار ٢٠ / ١ / ١٨١ ، والأربعين للرازى ص ٤٥١ ومنهاج السنة لابن تيمية ٤ / ٩١.
(٥) سورة القمر ٥٤ / ١.
(٦) انظر تفسير الإمام الرازى ٢٩ / ٢٩. قال رحمهالله : «القمر انشق والمفسرون بأسرهم على أن المراد : أن القمر انشق ، وحصل فيه الانشقاق ودلت الأخبار على حديث الانشقاق ، وفى الصحيح خبر مشهور رواه جمع من الصحابة ، وقالوا : سأل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ آية الانشقاق بعينها معجزة. فسأل ربه فشقه ومضى».
ثم نقل رأى بعض المخالفين الذين نقل عنهم الآمدي. فقال : «وقال بعض المفسرين المراد سينشق. وهو بعيد ولا معنى له».