وقولهم : إنه انفرد بروايته ، لا نسلم (١). فإنه قد نقله جماعة من الصحابة كبشر بن مالك ، وسعد بن عبادة الأنصارى (٢) ، وغيرهما.
قولهم : إنه مرجوح ، لا نسلم ذلك.
قولهم : إنه آحاد ، ونصّ التوريث متواتر.
قلنا : إلا أنه خاص يتناول إرث النبيين بخصومه. وآية التوريث تتناوله بعمومها. والخاص أقوى من العام (٣) وذلك أن ضعف العموم ، بسبب تطرق التخصيص إليه ، وأكثر العمومات مخصصة ، وضعف الآحاد ، بسبب تطرق الكذب إليه ؛ وهو بعيد فى حق العدل ؛ فكان الظن بخبر الواحد الخاص أولى ، وأقوى.
قولهم : دلالة الآية قاطعة فى توريث النصف ، ودلالة الخبر مظنونة.
قلنا : وإن كانت دلالة الآية قاطعة فى توريث النصف ، غير أنها ظنية ، بالنظر إلى آحاد البنات ؛ لاحتمال تطرق التخصيص إليها ، وقد تطرق بالمقابلة ، والمخالفة فى دين الإسلام ؛ فدلالتها على توريث فاطمة تكون ظنية ، لا قطعية.
ثم الترجيح مع ذلك لدلالة الخبر ، فإن إخراج فاطمة عن التوريث ، غايته تخصيص عموم ؛ وهو غالب على ما تقدم.
وصرف الخبر إلى نفى التوريث ، فيما ترك صدقه مخالفة للظاهر من لفظ الخبر ، وما هو متبادر إلى الفهم منه / / عند إطلاقه ، وأكثر الظواهر مقررة لا مغيّرة ، فكان الخبر أقوى.
__________________
(١) قارن بالمغنى ٢٠ / ٣٣٢ وما بعدها.
(٢) سعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة ، الخزرجى ، أبو ثابت ، صحابى جليل من أهل المدينة ، كان سيد الخزرج ، وأحد الأمراء الأشراف فى الجاهلية والإسلام ، وكان يلقب فى الجاهلية بالكامل (لمعرفته الكتابة والرمى والسباحة) كان أحد النقباء الاثنى عشر.
كان كريما جواد ، وكانت جفنته تدور مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى بيوت أزواجه. (فكان يرسل للرسول جفنة من ثريد فى كل يوم).
وكان يكرم أهل الصفة فكان يطعم كل ليلة منهم ثمانين. عن محمد بن سيرين قال : كان أهل الصفة إذا أمسوا انطلق الرجل بالرجل ، والرجل بالرجلين والرجل بالخمسة فأما سعد بن عبادة ؛ فكان ينطلق بثمانين كل ليلة.
وكان يدعو بعد كل صلاة مكتوبة : «اللهم ارزقنى ما لا أستعين به على فعالى فإنه لا يصلح الفعال إلا المال».
توفى ـ رحمهالله ورضى عنه بحوران سنة ١٤ ه.
[صفة الصفوة ـ ت رقم (٥٣) ١ / ١٨٩ ، ١٩٠ ، الأعلام ٣ / ٨٥].
(٣) قارن بما ورد فى الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ٢ / ٢٤١.
/ / أول ل ١٧٣ / ب من النسخة ب.