والجواب عن الإشكالين يكون متحدا. وعلى هذا يكون الجواب عن قوله ـ تعالى ـ : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (١).
وقوله عليهالسلام : «من كنت مولاه ؛ فعلى مولاه» (٢) من أخبار الآحاد ؛ فلا يكون حجة فى هذا الباب ؛ لما تقدم (٣).
قولهم : الأمة مجمعة على صحته ؛ فقد سبق إبطال احتجاجهم بالإجماع. وإن صحّ احتجاجهم بالإجماع ؛ لكن لا نسلم أن هذا الحديث ممّا أجمعت الأمة على صحته ؛ فإنه قد طعن فيه ابن أبى داود (٤) ، وأبو حاتم (٥) الرازى وغيرهما من أئمة الحديث.
وإن سلمنا الإجماع على صحته ؛ لكن بجهة القطع ، أو بجهة الظّن؟ الأول ممنوع ، والثانى مسلم.
وإن سلّمنا أنه مقطوع بصحته ؛ لكن لا نسلم صحة الزيادة فيه ؛ وهى قوله : «ألست أولى بكم من أنفسكم» ولا يمكن دعوى إجماع الأمة عليها ؛ فإن أكثر المحدثين لم يوافقوا عليها.
سلمنا صحة الأصل والزيادة ؛ ولكن لا نسلم صحة الاحتجاج به على إمامة عليّ عليهالسلام.
قولهم : لفظ المولى يحتمل الأولى ؛ لا نسلم ذلك (٦) ، وبيانه من وجهين : ـ الأول : أن أحدهما بمعنى أفعل ، والأخر بمعنى مفعل ، وقد نقل عن أهل اللغة أنه لم يرد أحدهما بمعنى الآخر.
__________________
(١) سورة المائدة ٥ / ٩٢.
(٢) سبق تخريجه ل ٢٧١ / أ.
(٣) راجع ما تقدم ل ٢٦٦ / ب.
(٤) ابن أبى داود (٢٣٠ ـ ٣١٦).
هو أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستانى ، ولد بسجستان ؛ وتوفى ببغداد اشتغل بالتفسير وعلم الحديث والاقراء [وفيات الأعيان ١ / ٢٦٨ ، تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٤].
(٥) أبو حاتم الرازى (١٩٥ ـ ٢٧٧).
هو محمد بن إدريس بن المنذر بن داود الغطفانى الرازى ، ولد بالرى ، اشتهر برواية الحديث ونقده طاف بالبلدان الإسلامية ، توفى ببغداد [تهذيب التهذيب ٩ / ٣١ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٤٧].
(٦) لنفى احتمال تضمن لفظ المولى على معنى الأولى. راجع بالإضافة لما أورده الآمدي هاهنا.
التمهيد للباقلانى ١٧٠ ـ ١٧١ ، والإرشاد للجوينى ص ٣٣٨.
وغاية المرام للآمدى ص ٣٧٨ ، والمواقف للإيجي ص ٤٠٥ وشرحها ـ الموقف السادس ص ٣٠٦.