فنقول : المسلم كونه أقرب إلى فعل الطاعات ، إنما هو نصب إمام ظاهر ، قاهر يرجى ثوابه ، ويخشى عقابه ، على ما هو المعروف من العادة.
وأمّا إمام خفىّ لا يعرف ؛ فلا نسلم أنّ نصبه يكون لطفا.
وعلى هذا فما فيه اللّطف ؛ فالخصوم لا يوجبونه ، والّذي يوجبونه ، لا لطف فيه ؛ فيمتنع إيجابه (١).
سلّمنا أن نصب الإمام أقرب إلى فعل الطّاعات مطلقا ، غير أنّ ذلك مما لا يوجب نصب الإمام على الله ـ تعالى ـ ولهذا فإنّا نعلم أن حصول الطاعات بتقدير نصب قضاة معصومين ، وجيوش معصومين ، مع نصب الإمام يكون أقرب ؛ بل حصول ذلك بتقدير عصمة الأمة أيضا يكون أقرب ؛ بل ومع ذلك فإنه لا يجب على الله ـ تعالى ـ شيء من ذلك بالاتفاق ، والدليل المنقوض لا يكون صحيحا.
سلمنا أن نصب الإمام أقرب إلى فعل الطّاعات ، وأنه صالح لإيجاب نصب الإمام على الله ـ تعالى ـ لكن بتقدير وجوب الطّاعات ، وما من زمان إلّا ويتصوّر خلوه عن التّكاليف الشّرعية بالاتفاق ، فالقول بجواز خلوّ الزّمان عن وجوب نصب الإمام لأجل الطّاعات أولى.
وعلى هذا فقد امتنع القول بوجوب نصب الإمام فى كل زمان على ما قالوه. وربّما قالوا فيه وجوها أخرى مدخولة لا حاجة إلى ذكرها.
__________________
(١) قارن هذا الرد بما ورد فى الأربعين للرازى ص ٤٣٠ ، والمغنى ٢٠ / ٤٢ وما بعدها وغاية المرام ص ٣٨٤ ، وشرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢٨٣ وما بعدها.