[الشبهة] الثانية عشرة : وهى ما أوردها القائلون بالتناسخ وهى أن قالوا الأفعال الإنسانية إن كانت على منهاج قويم ، وسنن مستقيم من فعل الخيرات والاعتقادات الصحيحة ارتفعت نفس فاعلها بعد مفارقة بدنها إلى رتبة أعلى من رتبتها بحيث تصير نبيا ، أو ملكا ، وإن كانت أفعاله على نهج أفعال الحيوانات العجماوات وهو منغمس فى الرذائل ، والشهوات انحطت نفسه إلى درجة الحيوانات ، أو أسفل منها وهكذا كلما انقضى عصر ، ودور. فلا يزال فى فعل لجزاء ، أو جزاء على فعل ، وهكذا أبدا ؛ وذلك كله مما عرف بالعقول على مرّ الدهور ؛ فلا حاجة للانسان إلى من هو مثله يحسن له فعلا ، ويقبح له فعلا ، ويأمره بما لا يريد ، وينهاه عما يريد.
[الشبهة] الثالثة عشرة : أنه لا طريق إلى معرفة صدقه. وما لم يعلم كونه صادقا فى الرسالة ؛ فلا تكون الرسالة مفيدة.
وبيان ذلك هو أن التصديق له بنفس دعواه مع أن الخبر مما يصح أن يكون صادقا ويصحّ أن يكون كاذبا ممتنع. وإن كان بأمر خارج : فإمّا أن تقع المشافهة من الله ـ تعالى ـ لنا بتصديقه ، وإمّا باقتران أمر ما يقوله يدل على صدقه.
لا سبيل إلى الأول : إذ المشافهة من الله ـ تعالى ـ بالخطاب / / متعذرة ، ولو لم تكن متعذرة لاستغنى عن الرسول.
وان كان الثانى : فما يقترن بقوله (١) إما أن يكون خارقا للعادة ، أو لا يكون خارقا لها.
لا جائز آن يكون خارقا للعادة : لأنّا لو جوزنا خرق العوائد ؛ فيلزم منه أن لا يقطع وجود ما شاهدناه من لحظة من الجبال الشامخة والبحار الزاخرة ، والسماوات بعد تغميض العين فيها باقيا إلى وقتنا هذا وأن نجوز انقلاب ماء البحر دما ، والجبال ذهبا ، وأن نجوز انفطار السماء ، وانتثار الكواكب ، وتدكدك الجبال.
وأن لا نقطع بأن من يخاطبنا بالكلمة الثانية أنه غير من خاطبنا بالكلمة الأولى ؛ لجواز عدمه ، وخلق مثله ، وأن لا نتيقّن أنّ ما نشاهده من أموالنا ، وأهلينا ، ومعارفنا أنه هو ؛ لجواز عدمه ، وخلق مثله إلى غير ذلك ، ولا يخفى ما فى ذلك من الخبط وتشويش / القواعد.
__________________
/ / أول ل ٧٣ / ب.
(١) ساقط من ب.