والجواب :
قولهم : لا نسلم تصور السجود الحقيقى فى حق الملائكة.
قلنا : دليل تصوره أنه لا يلزم المحال من فرض وجوده لذاته عقلا ، ولا معنى للممكن غير هذا.
قولهم : الملائكة ليست أجساما متحيزة ، ولا قابلة للانتقال والحركة.
قلنا : دليل كونها أجساما قابلة للحركة ، والانتقال ، قوله ـ تعالى ـ : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (١) ، وصفهم بالنزول ، والنزول حقيقة فى الحركة ، والانتقال ، والأصل فى الاطلاق الحقيقة.
قولهم : ما المانع أن يكون المراد بالسجود ما هو لازم له من التواضع.
قلنا : لأنه تجوز ، والأصل إطلاق اللفظ على حقيقته ، وما يذكرونه من دليل التجوز ؛ فسيأتى إبطاله.
قولهم : لا نسلم أن السجود كان لآدم.
عنه جوابان :
الأول : هو أن إضافة السجود لآدم فى قوله ـ تعالى ـ : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٢) كإضافته إلى الله ـ تعالى ـ فى قوله : (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ) / / الَّذِي خَلَقَهُنَ (٣) ، ويلزم من اتحاد اللفظ الدال على اتحاد المدلول المفهوم منه نفيا للاشتراك والتجوز عن اللفظ ؛ إذ هو خلاف الأصل ، وليس المراد منه فى حق الله ـ تعالى ـ أن يكون الله ـ تعالى ـ قبلة للسجود ؛ بل المراد منه المبالغة فى الخدمة ، والتذلل ؛ فكذلك فى حق آدم.
الثانى : هو أن قول إبليس (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) (٤). يدل على أن الأمر
__________________
(١) سورة النحل ١٦ / ٢.
(٢) جزء من آيات من السور الآتية : سورة البقرة ٢ / ٣٤ ، سورة الأعراف ٧ / ١١ ، سورة الإسراء ١٧ / ٦١ ، سورة الكهف ١٨ / ٥٠ ، سورة طه ٢٠ / ١١٦.
/ / أول ل ١٠٦ / ب.
(٣) سورة فصلت ٤١ / ٣٧.
(٤) سورة الإسراء ١٧ / ٦٢.