فإن فعل : فالإضرار لازم له بما يناله من التعب والمشقة وبما يلحقه من العجب والكبرياء على الغير ؛ لإتيانه بما كلّف به كما جرى لإبليس.
وإن لم يفعل فالإضرار لازم له بالإثم ، والعقاب.
// الرابع : أنّ أرباب الشّرائع والعقول متّفقون على أن السعيد سعيد فى بطن أمه ، والشّقى شقى فى بطن أمّه ، وأن المقضىّ به من الله ـ تعالى ـ مما كان وما هو كائن لا بد من وقوعه على حسب ما قضى به.
وعند ذلك فالتكليف لا يكون مفيدا فى الدنيا ، ولا فى الآخرة ، لأنه / لا يستلزم جلبا ، ولا دفعا.
الخامس : أن فى التكليف بالأفعال المشقة البدنية مما يشغل عن التفكير ، والنظر فى معرفة الله ـ تعالى ـ وما يجب له من الصفات وما يجوز عليه ، وما لا يجوز عليه.
ولا يخفى أن اللذة الحاصلة والمصلحة المتوقعة من هذا الفائت تزيد ، وتربو على ما يتوقع من التكليف بالأفعال البدنية ؛ فكان ممتنعا عقلا.
السادس : أن التكليف إما أن يكون لجلب نفع ، أو لدفع ضرر ، وكل واحد من الأمرين مما يقدر الرب ـ تعالى ـ على تحقيقه للعبد دون التكليف ؛ فلا حاجة إلى التكليف.
السابع : أن التكليف بإيقاع الفعل : إما أن يكون فى حال وجود الفعل ، أو بعد وجوده ، أو قبل وجوده.
الأول والثانى : محال ؛ لما فيه من التكليف بتحصيل الحاصل.
والثالث : يلزم منه التكليف بالوجود فى حالة العدم ؛ وهو محال.
وإذا كان كل واحد من الأقسام باطلا ؛ فالتكليف يكون باطلا.
[الشبهة] التاسعة (١) :
أنّا وجدنا كلّ مدّع للرّسالة قد أباح أمورا ، وأوجب أمورا تحظرها العقول ، وحرّم أمورا تحسّنها العقول. وكل من أخبر عن الله ـ تعالى ـ بما يخالف قضايا العقول ، أو مقتضى
__________________
/ / أول ل ٧٣ / أ. من النسخة ب.
(١) فى (أ) الثامنة.