وإن كان الثانى : فهو تكليف بما لا يطاق وهو قبيح على ما تقدم (١) وصدور القبيح من الله ـ تعالى ـ محال.
[الشبهة] السادسة : أنه إما أن يكون الرب ـ تعالى ـ عالما بالجزئيات أو لا يكون عالما بها ،
فإن لم يكن عالما بالجزئيات : فقد بطل الإرسال مطلقا فإن من لم يعلم الرسول لا يكون مرسلا له وكذا من لا يعلم المرسل إليه لا يكون [المرسل (٢) إليه] مأمورا ولا منهيا من جهته
وإن كان عالما بالجزئيات : فإما أن يكون الرسول مبعوثا إلى من علم الله أنه لا بد أن يؤمن دون غيره ، أو إلى من علم أنه يكفر دون غيره ، أو إلى الكل.
فإن كان الأول : فهو خلاف مذهب القائلين بالنبوات ، ومع ذلك فلا فائدة فى الإرسال إلى من علم منه الإيمان وأنه لا بد وأن يكون منه. فإنه بتقدير عدم الإرسال يستحيل أن لا يؤمن وإلا صار علم البارى تعالى ـ جهلا ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فهو أيضا خلاف مذهب القائل بالنبوات ، ومع ذلك فهو ممتنع من ثلاثة أوجه : ـ
الأول : أن البعثة إليه تكون عبثا ؛ ضرورة العلم بأنه لا يؤمن ؛ والبعث قبيح.
الثانى : أنه يلزم منه التّكليف بما هو / خلاف معلوم الله ـ تعالى ؛ فيكون تكليفا بما لا يطاق ؛ وهو ممتنع على ما سبق (٣).
الثالث : أنه خلاف الأصلح فى حقه لما يلزم من الإثم والعقاب بتقدير المخالفة المعلومة ، والرب ـ تعالى ـ لا يفعل ما لاصلاح فيه للعبد على ما سبق فى التعديل ، والتجوير (٤).
__________________
(١) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ١٩٤ / ب وما بعدها ص ٣١٩ وما بعدها من الجزء الثانى المسألة الخامسة : فى تكليف ما لا يطاق.
(٢) ساقط من أ.
(٣) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ١٩٤ / ب وما بعدها. المسألة الخامسة : فى تكليف ما لا يطاق.
(٤) انظر ما مر فى الجزء الأول ل ١٨٦ / ب وما بعدها. المسألة الثالثة : فى أنه لا يجب رعاية الغرض والمقصود فى أفعال الله ـ تعالى ـ وأنه لا يجب عليه شيء أصلا.