وإن كان الثانى : فذلك منه مستحيل.
[الشبهة] الثالثة :
أنّ ما يأتى به إمّا أن يكون مدركا بالعقول / أو غير مدرك بالعقول.
فإن كان الأول : فلا حاجة إلى الرّسول ؛ بل البعثة تكون عبثا ، وسفها ؛ وهو قبيح ؛ والربّ ـ تعالى ـ لا يفعل القبيح.
وان كان الثانى : فما يأتى به لا يكون مقبولا ؛ لكونه غير معقول ؛ فالبعثة على كل تقدير لا تفيد.
[الشبهة] الرابعة :
أن النفوس الانسانية كلها من نوع واحد فوجب أن تستقل كل منها بإدراك ما أدركته الأخرى. وأن لا يتوقف على من يتحكم عليها فيما / / تهتدى إليه [وما لا تهتدى] (١) فإن ذلك مما يقبح من الحكيم عقلا.
[الشبهة] الخامسة :
أن العلم برسالة الرّسول ، ووقوع التّصديق بقوله يتوقّف على معرفة وجود المرسل ، وصفاته : وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه. وليس العلم بذلك من البديهات ؛ بل من أغمض النظريات.
ولهذا فانّه لو خلّى الإنسان ودواعى نفسه من مبدأ نشوئه إلى آخر حياته من غير نظر واستدلال لما وجد من نفسه العلم بذلك أصلا.
فعند إرسال الرسول : إما أن يجوز للمبعوث إليه الإمهال للنظر فى ذلك والاعتبار ، أو لا يجوز له ذلك.
فإن كان الأول : فلا يخفى أن زمان النظر غير مقدر ، ولا محصور بزمان معين ؛ بل هو مختلف باختلاف الأشخاص ، وأحوالهم ، والاشتداد والضعف فى أفهامهم ، وذلك مما يفضى إلى تعطيل النبي عن التبليغ لرسالته ، وإفحامه فى دعوته ولا تبقى فائدة فى بعثته.
__________________
/ / أول ل ٧٢ / ب.
(١) ساقط من (أ)