ومنه ما رواه الصدوق بإسناده عن علي بن سالم عن أبي عبد الله (عليهالسلام) قال: سألته عن الرّقى أتدفع من القدر شيئا؟ فقال : هي من القدر. وقال (عليهالسلام) : إنّ القدرية مجوس هذه الأمة وهم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه من سلطانه ، وفيهم نزلت هذه الآية : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (١).
والصنف الأول من الروايات أقوى سندا ، ولعل كلمة القدرية تطورت من حيث المعنى في عصر الصادقين وبعدهما فاستعملت في غير معناها القياسي.
ثم إنّ الشيخ التفتازاني في (شرح المقاصد) أقام وجوها على أنّ المراد من القدرية نفاة القدر ، كما أنّ العلامة أقام وجوها أخر على تطبيقها على مثبتي القدر. فليرجع إليهما (٢).
* * *
التقدير وتشريع الأحكام
بقيت هنا كلمة وهي : إنّ الإمام أمير المؤمنين (عليهالسلام) فسّر القضاء والقدر للشامي الذي سأله عنهما بالأمر بالطاعة والنهي عن المعصية ، وذلك عند ما قال الرجل له: «فما القضاء والقدر الذي ذكرته يا أمير المؤمنين».
فقال : «الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية والتمكين من فعل الحسنة وترك السيئة ، والمعونة على القربة إليه والخذلان لمن عصاه والوعد والوعيد
__________________
(١) سورة القمر : الآيتان ٤٨ ـ ٤٩. التّوحيد للصدوق ، باب القضاء والقدر ، ح ٢٩ ، ص ٣٨٢.
(٢) شرح المقاصد ، ص ١٤٣. وكشف المراد ، ص ١٩٦.