بكونه معلوما وجزء بكونه مخلوقا ، بل كله معلوم لله في عين كونه مخلوقا له ، وليست جهة المعلومية في الخارج غير جهة المخلوقية.
وباختصار ، يصح انتزاع المفاهيم الكثيرة من الواحد البسيط البحت ، وهذا على التقريب كالنّور ، فإنّ الإضاءة والحرارة من خواصّ النور ، وليست الأولى مختصة بناحية من وجوده والثانية بناحية أخرى منه ، بل النور بتمامه مضيء كما أنّه بتمامه حار. فالشيء الخارجي ، أعني النور ، مصداق لمفهومين ؛ المضيء والحار.
الثاني : إنّ وجوده سبحانه هو الكمال المطلق والوجود الأتم ، وأمّا انتزاع المفاهيم الكثيرة مثل العالم والقادر ، فإنما هو بالنظر إلى تجلياته المختلفة في العالم الإمكاني. فإن إتقان الفعل وظرافته دليل كونه قادرا ، كما أنّ الصنع على سنن معقدة آية كونه عالما بهذه السنن والنّظم ، وهكذا. فتجلّيه سبحانه على العالم بالشئون المختلفة صار سببا لانتزاع مفاهيم كثيرة منه ، هذا.
ولكنّ الجواب الأول أتقن وأنسب بالأسس التي قدمناها.
عينية الصفات والذات في النّصوص الإسلامية
إنّ عينية الصفات والذات مما قادنا إليه العقل وتظافرت عليه السنة عن سيد الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فهو سلام الله عليه أول من أصحر بالحقيقة وجهر بها في تلك العصور التي لم يكن فيها خبر عن نظرية المعتزلة (النيابة) ولا الأشاعرة (الزيادة).
قال أمير المؤمنين : «وكمال الإخلاص له نفي الصفات (الزائدة) عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصّفة ، فمن وصف الله (أي بوصف زائد على ذاته) فقد قرنه (أي قرن