فمن السخافة أن يقال إنها مكلفة مثلنا ، أو أن يقال إنها تدل على التناسخ ، إذ ليس فيها أدنى إشعار بذلك فضلا عن أن الدلالة عليه ، ولو صح قولهم بالتناسخ لكان مقتضى ما يدعونه من المماثلة أن يجري التناسخ في الحيوانات فإذا مات حيوان تنتقل روحه إلى بدن آخر من حمار أو قرد أو غيرهما ، وكل ذلك باطل ، لا يدعمه دليل من عقل أو نقل وسيأتي بيان أن التناسخ غير ممكن عقلا ونقلا.
٥ ـ قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (١).
وجه الاستدلال : أن الخلود في العذاب حدد بدوام السماوات والأرض بدعوى أن المقصود دوامها في الدنيا ، فالعذاب التناسخي يكون في الدنيا ، وعلى قولهم ، لا يكون ثواب وعقاب في الآخرة ، وهذا هو إنكار الجنّة والنار والمعاد ، نعوذ بالله من هذا ونبرأ إلى الله تعالى من هذه الدعوى ومدعيها.
وأجيب عنه :
__________________
(١) سورة هود ؛ الآيتان : ١٠٦ و ١٠٧.