مشدّدة الياء. والقيّم : المستقيم. وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ : «قيما» بكسر القاف وتخفيف الياء. قال الزّجّاج : وهو مصدر ، كالصّغر والكبر. وقال مكّيّ : من خفّفه بناه على «فعل» وكان أصله أن يأتي بالواو ، فيقول : «قوما» كما قالوا : عوض ، وحول ، ولكنه شذّ عن القياس. قال الزّجّاج : ونصب قوله : (دِيناً قِيَماً) محمول على المعنى ، لأنّه لمّا قال : «هداني» دل على عرّفني دينا ؛ ويجوز أن يكون على البدل من قوله : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، فالمعنى : هداني صراطا مستقيما دينا قيما. و «حنيفا» منصوب على الحال من إبراهيم ، والمعنى : هداني ملّة إبراهيم في حال حنيفيّته.
(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣))
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي) يريد : الصّلاة المشروعة. والنّسك : جمع نسيكة. وفي النّسك ها هنا أربعة أقوال : أحدها : أنها الذّبائح ؛ قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وابن قتيبة. والثاني : الدّين ، قاله الحسن. والثالث : العبادة. قال الزّجّاج : النّسك كلّ ما تقرّب به إلى الله عزوجل ، إلّا أنّ الغالب عليه أمر الذّبح. والرابع : أنه الدّين ، والحج ، والذّبائح ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
قوله تعالى : (وَمَحْيايَ وَمَماتِي) الجمهور على تحريك ياء «محياي» ، وتسكين ياء «مماتي». وقرأ نافع : بتسكين ياء «محياي» ، ونصب ياء «مماتي» ، ثمّ للمفسّرين في معناه قولان :
أحدهما : أنّ معناه : لا يملك حياتي ومماتي إلّا الله.
والثاني : حياتي لله في طاعته ، ومماتي لله في رجوعي إلى جزائه. ومقصود الآية أنه أخبرهم أنّ أفعالي وأحوالي لله وحده ، لا لغيره كما تشركون أنتم به.
قوله تعالى : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) قال الحسن ، وقتادة : أوّل المسلمين من هذه الأمّة.
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤))
قوله تعالى : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا).
(٥٦٧) سبب نزولها أنّ كفار قريش قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : ارجع عن هذا الأمر ، ونحن لك الكفلاء بما أصابك من تبعة ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) أي : لا يؤخذ سواها بعملها. وقيل : المعنى : إلّا عليها عقاب معصيتها ، ولها ثواب طاعتها. (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) قال الزّجّاج : لا تؤخذ نفس آثمة بإثم أخرى. والمعنى : لا يؤخذ أحد بذنب غيره. قال أبو سليمان : ولما ادّعت كلّ فرقة من اليهود والنّصارى والمشركين أنهم أولى بالله من غيرهم. عرّفهم أنه الحاكم بينهم بقوله تعالى : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما
____________________________________
(٥٦٧) باطل ، عزاه المصنف لمقاتل وهو من يضع الحديث وقد وضع مقاتل وهو ابن سليمان وكذا الكلبي لكل آية سببا لنزولها ، وليس هذا بشيء.