الحمولة : من الإبل ، والفرش : من الغنم ، قاله الضّحّاك. والخامس : الحمولة : الإبل والبقر. والفرش : الغنم ، وما لا يحمل عليه من الإبل ، قاله قتادة. وقرأ عكرمة ، وأبو المتوكّل ؛ وأبو الجوزاء : «حمولة» بضم الحاء.
قوله تعالى : (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) قال الزّجّاج : المعنى : لا تحرّموا ما حرّمتم مما جرى ذكره ، (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) أي : طرقه. قال : وقوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) بدل من قوله تعالى : (حَمُولَةً وَفَرْشاً). والزّوج ، في اللغة : الواحد الذي يكون معه آخر. قلت : وهذا كلام يفتقر إلى تمام ، وهو أن يقال : الزّوج : ما كان معه آخر من جنسه ، فحينئذ يقال لكلّ واحد منهما : زوج.
(ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٤٣) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤) قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥))
قوله تعالى : (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) الضّأن : ذوات الصّوف من الغنم ، والمعز : ذوات الشّعر منها. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر : من «المعز» بفتح العين. وقرأ نافع ، وحمزة ، وعاصم ، والكسائيّ : بتسكين العين. والمراد بالأنثيين : الذّكر والأنثى. (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ) من الضّأن والمعز حرّم الله عليكم (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) منها؟ المعنى : فإن كان ما حرّم الله عليكم الذّكرين. فكلّ الذكور حرام ، وإن كان حرّم الأنثيين ، فكلّ الإناث حرام ، وإن كان حرّم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ، فهي تشتمل على الذّكور ، وتشتمل على الإناث ، وتشتمل على الذّكور والإناث ، فيكون كلّ جنين حراما. وقال ابن الأنباري : معنى الآية : ألحقكم التّحريم من جهة الذّكرين ، أم من جهة الأنثيين؟ فإن قالوا : من جهة الذّكرين حرم عليهم كلّ ذكر ، وإن قالوا : من جهة الأنثيين ، حرمت عليهم كلّ أنثى ، وإن قالوا : من جهة الرّحم ، حرم عليهم الذّكر والأنثى. وقال ابن جرير الطّبريّ : إن قالوا : حرّم الذّكرين ، أوجبوا تحريم كلّ ذكر من الضّأن والمعز ، وهم يستمتعون بلحوم بعض الذّكران منها وظهوره ، وفي ذلك فساد دعواهم. وإن قالوا : حرّم الأنثيين أوجبوا تحريم لحوم كلّ أنثى من ولد الضّأن والمعز ، وهم يستمتعون بلحوم بعض ذلك وظهوره. وإن قالوا : ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ، فقد كانوا يستمتعون ببعض ذكورها وإناثها. قال المفسّرون : فاحتجّ الله تعالى عليهم بهذه الآية والتي بعدها ، لأنهم كانوا يحرّمون أجناسا من النّعم ، بعضها على الرّجال والنّساء ، وبعضها على النّساء دون الرّجال.
وفي قوله تعالى : (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) إبطال لما حرّموه من البحيرة ، والسّائبة ، والوصيلة والحام. وفي قوله تعالى : (أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) ، إبطال قولهم : (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا).
قوله تعالى : (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) قال الزّجّاج : المعنى : فسروا ما حرّمتم بعلم ، أي : أنتم لا علم