الضّحّاك : سأل كلّ واحد منهم أن يختصّ بالرّسالة والوحي.
قوله تعالى : «الله أعلم حيث يجعل رسالاته» وقرأ ابن كثير ، وحفص عن عاصم : «رسالته» بنصب التاء على التوحيد ؛ والمعنى : أنهم ليسوا لها بأهل ، وذلك أنّ الوليد بن المغيرة قال : والله لو كانت النّبوة حقا لكنت أولى بها منك ، لأنّي أكبر منك سنّا ، وأكثر منك مالا ، فنزل قوله تعالى : «الله أعلم حيث يجعل رسالاته». وقال أهل المعاني : الأبلغ في تصديق الرّسل أن لا يكونوا قبل مبعثهم مطاعين في قومهم ، لأنّ الطّعن كان يتوجّه عليهم ، فيقال : إنّما كانوا رؤساء فاتّبعوا ، فكان الله أعلم حيث جعل الرّسالة ليتيم أبي طالب ، دون أبي جهل والوليد ، وأكابر مكّة.
قوله تعالى : (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ) قال أبو عبيدة : الصّغار : أشدّ الذّلّ. وقال الزّجّاج : المعنى : هم ، وإن كانوا أكابر في الدّنيا ، فسيصيبهم صغار عند الله ، أي : صغار ثابت لهم عند الله. وجائز أن يكون المعنى : سيصيبهم عند الله صغار ، وقال الفرّاء : معناه : صغار من عند الله ، فحذفت «من». وقال أبو روق : صغار في الدنيا ، وعذاب شديد في الآخرة.
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥))
قوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) قال مقاتل : نزلت في رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ وأبي جهل.
قوله تعالى : (يَشْرَحْ صَدْرَهُ) قال ابن الأعرابيّ : الشرح : الفتح. قال ابن قتيبة : ومنه يقال : شرحت لك الأمر ، وشرحت اللحم : إذا فتحته. وقال ابن عباس : «يشرح صدره» أي : يوسع قلبه للتّوحيد والإيمان.
(٥٥٩) وقد روى ابن مسعود أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأ : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) ، فقيل له : يا رسول الله ، وما هذا الشّرح؟ قال : «نور يقذفه الله في القلب ، فينفتح القلب». قالوا : فهل لذلك من أمارة؟ قال : «نعم». قيل : وما هي؟ قال : «الإنابة إلى دار الخلود ، والتّجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله».
قوله تعالى : (ضَيِّقاً) قرأ الأكثرون بالتّشديد. وقرأ ابن كثير : «ضيقا» ، وفي (الفرقان) :
____________________________________
(٥٥٩) متن باطل بأسانيد واهية. أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٨٥٢ والطبري ١٣٨٥٦ و ١٣٨٥٧ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ١ / ٢٥٧ عن أبي جعفر المدائني مرسلا. ومع إرساله أبي جعفر المدائني ذكره الذهبي في «الميزان» ٤٦٠٨ وقال : قال أحمد وغيره : أحاديثه موضوعة. وورد من حديث ابن مسعود عند الحاكم ٤ / ٣١١ والبيهقي في الشعب ١٠٥٥٢ وإسناده ضعيف لضعف عدي بن الفضل ، وقد سكت عليه الحاكم ، وقال الذهبي : ابن الفضل ساقط ا ه. وفيه المسعودي اختلط بأخرة. وأخرجه الطبري ١٣٨٥٩ عن أبي عبيدة عن ابن مسعود ، وإسناده منقطع ، وفيه سعيد بن عبد الملك الحراني ، وهو متروك روى أحاديث كذب. وكرره الطبري ١٣٨٦١ عن عبد الرحمن ـ هو المسعودي ـ عن ابن مسعود ، وهذا معضل بينهما. فهذه روايات واهية ليست بشيء ، والأشبه كونه من كلام أبي جعفر المدائني ، حيث رواه الطبري عنه من طرق. انظر «تفسير الشوكاني» ٩٤٠ بتخريجنا.