قوله تعالى : (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ) أي : ولتميل ؛ والهاء : كناية عن الزّخرف والغرور. والأفئدة : جمع فؤاد ، مثل غراب وأغربة. قال ابن الأنباري : فعلنا بهم ذلك لكي تصغى إلى الباطل أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ، «وليرضوا» الباطل ، (وَلِيَقْتَرِفُوا) أي : ليكتسبوا ، وليعملوا ما هم عاملون.
(أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤))
قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً).
(٥٥١) سبب نزولها : أنّ مشركي قريش قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : اجعل بيننا وبينك حكما ؛ إن شئت من أحبار اليهود ، وإن شئت من أحبار النّصارى ، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك ، فنزلت هذه الآية ، ذكره الماوردي.
فأمّا الحكم ، فهو بمعنى الحاكم ؛ والمعنى : أفغير الله أطلب قاضيا بيني وبينكم؟! و (الْكِتابَ) : القرآن ، و «المفصّل» : المبين الذي بان فيه الحقّ من الباطل ، والأمر من النّهي ، والحلال من الحرام. (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) فيهم قولان : أحدهما : علماء أهل الكتابين ، قاله الجمهور. والثاني : رؤساء أصحاب النبيّ محمّد صلىاللهعليهوسلم ، كأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وأشباههم ، قاله عطاء. قوله تعالى : (يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ) قرأ ابن عامر ، وحفص عن عاصم : «منزّل» بالتشديد ؛ وخفّفها الباقون.
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١١٥))
قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، ونافع : «كلمات» على الجمع ؛ وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائيّ ، ويعقوب ، «كلمة» على التّوحيد ؛ وقد ذكرت العرب الكلمة ، وأرادت الكثرة ؛ يقولون : قال قسّ في كلمته ، أي : في خطبته ، وزهير في كلمته ، أي : في قصيدته. وفي المراد بهذه الكلمات ثلاثة أقوال : أحدها : أنها القرآن ، قاله قتادة. والثاني : أقضيته وعداته. والثالث : وعده ووعيده وثوابه وعقابه. وفي قوله تعالى : (صِدْقاً وَعَدْلاً) قولان : أحدهما : صدقا فيما أخبر ، وعدلا فيما قضى وقدّر. والثاني : صدقا فيما وعد وأوعد ، وعدلا فيما أمر ونهى. وفي قوله : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) قولان : أحدهما : لا يقدر المفترون على الزّيادة فيها والنّقصان منها. والثاني : لا خلف لمواعيده ، ولا مغيّر لحكمه.
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (١١٦))
قوله تعالى : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ).
__________________
(٥٥١) لم أقف عليه ، فهو لا شيء لخلوه عن الإسناد. وذكره الماوردي في «تفسيره» ٢ / ١٦٠ بدون سند ولا عزو لقائل.