بالألف وسكون السين وفتح التاء ؛ ومعناها : ذاكرت أهل الكتاب. وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائيّ : «درست» بسكون السين وفتح التاء ، من غير ألف ، على معنى : قرأت كتب أهل الكتاب. قال المفسرون : معناها : تعلّمت من جبر ، ويسار. وسنبيّن هذا في قوله : (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) (١) إن شاء الله. وقرأ ابن عامر ، ويعقوب : «درست» بفتح الراء والسين وسكون التاء من غير ألف. والمعنى : هذه الأخبار التي تتلوها علينا قديمة قد درست. أي : قد مضت وامّحت. وجميع من ذكرنا فتح الدال في قراءته. وقد روي عن نافع أنه قال : «درست» برفع الدال وكسر الراء وتخفيف التاء ، وهي قراءة ابن يعمر ؛ ومعناها ؛ قرئت. وقرأ أبيّ بن كعب : «درست» بفتح الدال والسين وضم الراء وتسكين التاء. قال الزّجّاج : وهي بمعنى : «درست» أي : امّحت ؛ إلّا أنّ المضمومة الراء أشدّ مبالغة. وقرأ معاذ القارئ ، وأبو العالية ، ومورّق : «درست» برفع الدال ، وكسر الراء وتشديدها ساكنة السين. وقرأ ابن مسعود وطلحة بن مصرّف : «درس» بفتح الراء والسين بلا ألف ولا تاء. وروى عصمة عن الأعمش : «دارس» بألف.
قوله تعالى : (وَلِنُبَيِّنَهُ) يعني : التّصريف (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ما تبيّن لهم من الحق فيقبلوه.
(اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧))
قوله تعالى : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) قال المفسّرون : نسخ بآية السّيف.
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) فيه ثلاثة أقوال حكاها الزّجّاج : أحدها : لو شاء لجعلهم مؤمنين. والثاني : لو شاء لأنزل آية تضطرّهم إلى الإيمان. والثالث : لو شاء لا ستأصلهم ، فقطع سبب شركهم. قال ابن عباس : وباقي الآية نسخ بآية السيف.
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨))
قوله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) في سبب نزولها قولان :
(٥٤٦) أحدهما : أنه لمّا قال للمشركين : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (٢) قالوا : لتنتهينّ يا محمّد عن سبّ آلهتنا وعيبها ، أو لنهجونّ إلهك الذي تعبده ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
____________________________________
(٥٤٦) ضعيف. عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس ، وأبو صالح غير ثقة في ابن عباس. وأخرجه الطبري ١٣٧٤٢ من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وفيه إرسال بينهما وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٤٤ من رواية الوالبي عن ابن عباس.
__________________
(١) سورة النحل : ١٠٣.
(٢) سورة الأنبياء : ٩٨.