قوله تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى).
(٥٤٥) سبب نزولها : أنّ النّضر بن الحارث قال : سوف تشفع لي اللّات والعزّى ، فنزلت هذه الآية ، قاله عكرمة.
ومعنى فرادى : وحدانا. وهذا إخبار من الله تعالى بما يوبّخ به المشركين يوم القيامة. قال أبو عبيدة : فرادى ، أي : فرد فرد. وقال ابن قتيبة : فرادى : جمع فرد. وللمفسّرين في معنى «فرادى» خمسة أقوال متقاربة المعنى : أحدها : فرادى من الأهل والمال والولد ، قاله ابن عباس. والثاني : كلّ واحد على حدة ، قاله الحسن. والثالث : ليس معكم من الدّنيا شيء ، قاله مقاتل. والرابع : كلّ واحد منفرد عن شريكه في الغيّ ، وشقيقه ، قاله الزّجّاج. والخامس : فرادى من المعبودين ، قاله ابن كيسان.
قوله تعالى : (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : لا مال ولا أهل ولا ولد. والثاني : حفاة عراة غرلا. والغرل : القلف. والثالث : أحياء. وخوّلناكم : بمعنى ملّكناكم. (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) أي : في الدنيا. والمعنى أنّ ما دأبتم في تحصيله في الدنيا فني ، وبقي النّدم على سوء الاختيار. وفي شفعائهم ، قولان : أحدهما : أنّها الأصنام. قال ابن عباس : شفعاؤكم ، أي : آلهتكم الذين زعمتم أنهم يشفعون لكم. و (زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ) أي : عندكم شركاء. وقال ابن قتيبة : زعمتم أنهم لي في خلقكم شركاء. والثاني : أنّها الملائكة ؛ كانوا يعتقدون شفاعتها ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، وأبو بكر عن عاصم : بالرّفع. وقرأ نافع ، والكسائيّ ، وحفص عن عاصم : بنصب النون على الظّرف. قال الزّجّاج : الرّفع أجود ، ومعناه : لقد تقطّع وصلكم ، والنّصب جائز ؛ ومعناه : لقد تقطّع ما كنتم فيه من الشّركة بينكم. وقال ابن الأنباري : التقدير : لقد تقطّع ما بينكم ، فحذف «ما» لوضوح معناها. قال أبو عليّ : الذين رفعوه ، جعلوه اسما ، فأسندوا الفعل الذي هو «تقطّع» إليه ؛ والمعنى : لقد تقطّع وصلكم. والذين نصبوا ، أضمروا اسم الفاعل في الفعل ، والمضمر هو الوصل ؛ فالتقدير : لقد تقطّع وصلكم بينكم.
وفي الذي كانوا يزعمون قولان : أحدهما : شفاعة آلهتهم. والثاني : عدم البعث والجزاء.
(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥))
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) في معنى الفلق قولان : أحدهما : أنه بمعنى الخلق ، فالمعنى : خالق الحبّ والنّوى ، رواه العوفيّ عن ابن عباس ، وبه قال الضّحّاك ، ومقاتل. والثاني : أنّ الفلق بمعنى الشّقّ. ثمّ في معنى الكلام قولان : أحدهما : أنه فلق الحبّة عن السّنبلة ، والنّواة عن النّخلة ، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، والسّدّيّ ، وابن زيد. والثاني : أنه الشّقّان اللّذان في الحبّ والنّوى ، قاله مجاهد ، وأبو مالك. قال ابن السّائب : الحبّ : ما لم يكن له نوى ، كالبرّ
____________________________________
(٥٤٥) ضعيف أخرجه الطبري ١٣٥٧٧ عن عكرمة مرسلا فهو ضعيف. وذكره السيوطي في «أسباب النزول» ٤٧٨ عن عكرمة مرسلا.