قوله تعالى : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) فيه قولان : أحدهما : أنّ الاستغفار والتّوبة هاهنا من الشّرك ، قاله مقاتل. والثاني : استغفروه من الذّنوب السّالفة ، ثمّ توبوا إليه من المستأنفة متى وقعت. وذكر عن الفرّاء أنه قال : «ثم» ها هنا بمعنى الواو.
قوله تعالى : (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) قال ابن عباس : يتفضّل عليكم بالرّزق والسّعة. وقال ابن قتيبة : يعمّركم. وأصل الإمتاع : الإطالة ، يقال : أمتع الله بك ، ومتّع الله بك ، إمتاعا ومتاعا ، والشيء الطّويل : ماتع ، يقال : جبل ماتع ، وقد متاع النهار : إذا تطاول.
وفي المراد بالأجل المسمّى قولان : أحدهما : أنه الموت ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وقتادة. والثاني : أنه يوم القيامة ، قاله سعيد بن جبير.
قوله تعالى : (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) في هاء الكناية قولان :
أحدهما : أنها ترجع إلى الله تعالى. ثم في معنى الكلام قولان : أحدهما : ويؤت كلّ ذي فضل من حسنة وخير فضله ، وهو الجنّة. والثاني : يؤتيه فضله من الهداية إلى العمل الصّالح.
والثاني : أنها ترجع إلى العبيد ، فيكون المعنى : ويؤت كلّ من زاد في إحسانه وطاعاته ثواب ذلك الفضل الذي زاده ، فيفضّله في الدنيا بالمنزلة الرّفيعة ، وفي الآخرة بالثّواب الجزيل.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي : تعرضوا عمّا أمرتم به. وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، وأبو مجلز ، وأبو رجاء : «وإن تولّوا» بضمّ التاء. (فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) فيه إضمار «فقل». واليوم الكبير : يوم القيامة.
(أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥))
قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) ، في سبب نزولها خمسة أقوال :
(٧٨٩) أحدها : أنها نزلت في الأخنس بن شريق ، وكان يجالس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويحلف إنّه ليحبّه ، ويضمر خلاف ما يظهر له ، فنزلت فيه هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
(٧٩٠) والثاني : أنها نزلت في ناس كانوا يستحيون أن يفضوا إلى السّماء في الخلاء ومجامعة النساء ، فنزلت فيهم هذه الآية ، رواه محمّد بن عبّاد عن ابن عباس.
(٧٩١) والثالث : أنها نزلت في بعض المنافقين ، كان إذا مرّ برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطّى وجهه لئلّا يراه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قاله عبد الله بن شدّاد.
____________________________________
(٧٨٩) لا أصل له. عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس ، وأبو صالح غير ثقة في ابن عباس وراويته الكلبي ، وهو ممن يضع الحديث. ذكره البغوي في «تفسيره» ٢ / ٣٧٣ ، عن ابن عباس بدون إسناد. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٥٣٧ بدون إسناد.
(٧٩٠) صحيح. أخرجه البخاري ٤٦٨١ والطبري ١٧٩٦٥ من حديث محمد بن عباد عن ابن عباس.
(٧٩١) ضعيف. أخرجه الطبري ١٧٩٥٢ و ١٧٩٥٣ و ١٧٩٥٤ عن عبد الله بن شداد بن الهاد به ورجاله ثقات إلا أنه مرسل ابن شداد تابعي والخبر واه.