(فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) معك إلى الغزو ، (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) إلى غزاة ، (إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ) عنّي (أَوَّلَ مَرَّةٍ) حين لم تخرجوا إلى تبوك. وذكر الماوردي في قوله تعالى : (أَوَّلَ مَرَّةٍ) قولين : أحدهما : أول مرّة دعيتم. والثاني : قبل استئذانكم.
وأمّا الخالفون ، فقال أبو عبيدة : الخالف : الذي خلف بعد شاخص ، فقعد في رحله ، وهو الذي يتخلّف عن القوم. وفي المراد بالخالفين قولان : أحدهما : أنهم الرّجال الذين تخلّفوا لأعذار ، قاله ابن عباس. والثاني : أنهم النّساء قاله الحسن ، وقتادة.
(وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤))
قوله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ).
(٧٤١) سبب نزولها : أنه لمّا توفي عبد الله بن أبيّ ، جاء ابنه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : أعطني قميصك حتى أكفّنه فيه ، وصلّ عليه ، واستغفر له. فأعطاه قميصه ؛ فقال : آذنّي أصلّي عليه ، فآذنه ، فلمّا أراد أن يصلّي عليه ، جذبه عمر بن الخطّاب ، وقال : أليس قد نهاك الله أن تصلّي على المنافقين؟ فقال : «أنا بين خيرتين» : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (١) فصلّى عليه ، فنزلت هذه الآية ، رواه نافع عن ابن عمر.
(٧٤٢) قال قتادة : ذكر لنا أنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «ما يغني عنه قميصي من عذاب الله تعالى ، والله إنّي لأرجو أن يسلم به ألف من قومه». قال الزجّاج : فيروى أنه أسلم ألف من الخزرج لمّا رأوه يطلب الاستشفاء بثوب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأراد الصلاة عليه.
فأمّا قوله تعالى : «منهم» فإنه يعني المنافقين. وقوله تعالى : (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ).
(٧٤٣) قال المفسّرون : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إذا دفن الميّت ، وقف على قبره ودعا له ؛ فنهي عن ذلك في حقّ المنافقين. وقال ابن جرير : معناه : لا تتولّ دفنه ؛ وهو من قولك : قام فلان بأمر فلان. وقد تقدم تفسيره.
(وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥) وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ
____________________________________
(٧٤١) صحيح. أخرجه البخاري ١٢٦٩ ومسلم ٢٧٧٤ ص ١٨٦٥ والترمذي ٣٠٩٨ والنسائي ٤ / ٣٧ وفي «التفسير» ٢٤٤ وابن ماجة ١٥٢٣ والواحدي ٥٢٠ والبيهقي ٣ / ٤٠٢ وفي «الدلائل» ٥ / ٢٨٧ من حديث ابن عمر.
(٧٤٢) غريب هكذا. وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ٢ / ٢٩٩ : لم أره هكذا وأصله أخرجه الطبري .... اه.
قلت : هو عند الطبري ١٧٠٧٣ عن قتادة في أثناء حديث وفيه : «وقال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم كلّم في ذلك فقال : وما يغني عنه قميصي من الله ـ أو من ربي ـ وإني لأرجو أن يسلم به ألف من قومه» وهذا مرسل ورواه بصيغة التمريض فهو ضعيف.
(٧٤٣) عزاه المصنف للمفسرين ، ولم أقف عليه. وانظر تفسير «القرطبي» ٨ / ٢٠٤.
__________________
(١) سورة التوبة : ٨١.