بصاع من طعام ؛ فقال بعض المنافقين : والله ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلّا رياء ، وإن كان الله ورسوله لغنيّين عن هذا الصّاع ، قاله ابن عباس.
وفي هذا الأنصاري قولان : أحدهما : أنه أبو خيثمة ، قاله كعب بن مالك. والثاني : أنه أبو عقيل. وفي اسم أبي عقيل ثلاثة أقوال : أحدها : عبد الرحمن بن بيجان ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، ويقال : ابن بيحان ؛ ويقال : سيحان. وقال مقاتل : هو أبو عقيل بن قيس. والثاني : أنّ اسمه الحبحاب ، قاله قتادة. والثالث : الحباب. قال قتادة : جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف ، وجاء عاصم بن عديّ بن العجلان بمائة وسق من تمر. و (يَلْمِزُونَ) بمعنى يعيبون. و (الْمُطَّوِّعِينَ) أي : المتطوّعين ، قال الفرّاء : أدغمت التاء في الطاء ، فصارت طاء مشدّدة. والجهد لغة أهل الحجاز ، ولغة غيرهم الجهد. قال أبو عبيدة : الجهد ، بالفتح والضمّ سواء ، ومجازه : طاقتهم. وقال ابن قتيبة : الجهد : الطّاقة ؛ والجهد : المشقّة. قال المفسّرون : عني بالمطوّعين عبد الرّحمن ، وعاصم ، وبالذين لا يجدون إلّا جهدهم : أبو عقيل. وقوله تعالى : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) أي : جازاهم على فعلهم ، وقد سبق هذا المعنى.
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٨٠))
قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ).
(٧٤٠) سبب نزولها : أنه لمّا نزل وعيد اللامزين قالوا : يا رسول الله استغفر لنا ، فنزلت هذه الآية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سوف أستغفر لهم أكثر من سبعين ، لعلّ الله يغفر لهم» فنزل قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) (١) ، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
وظاهر قوله : «استغفر لهم» الأمر ، وليس كذلك ؛ إنّما المعنى : إن استغفرت ، وإن لم تستغفر ، لا يغفر لهم ، فهو كقوله تعالى : (أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) (٢) ، وقد سبق شرح هذا المعنى هناك ، هذا قول المحقّقين. وذهب قوم إلى أنّ ظاهر اللفظ يعطي أنّه إن زاد على السّبعين ، رجي لهم الغفران. ثم نسخت بقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ).
____________________________________
نحوه مختصرا. وورد هذا الخبر بألفاظ مختلفة من وجوه متعددة فقد جاء عن ابن عباس مختصرا ، أخرجه الطبري ١٧٠١٨ وفيه انقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس. وكرره ١٧٠١٩ مطولا عن عطية العوفي عن ابن عباس وعطية ضعيف ، ومن دونه مجاهيل ، وورد عن مجاهد مرسلا برقم ١٧٠٢٠ وكرره ١٧٠٢١ و ١٧٠٢٢ وورد عن عمر بن أبي سلمة ١٧٠٢٥ مرسلا وورد عن الربيع بن أنس مرسلا عند الطبري أيضا برقم ١٧٠٢٦ وأخرجه أيضا ١٢٠٢٧ عن ابن إسحاق ، وهذا معضل وأخرجه ١٧٠٣٢ عن يحيى بن كثير اليمامي مرسلا ورد عن أبي سلمة عن أبي هريرة عند البزار ٢٢١٦ كشف الأستار ، ورجاله ثقات ، لكن رواه مرسلا أيضا بدون ذكر أبي هريرة فهذه روايات كثيرة مختلفة الألفاظ والمعنى واحد. وهو التصدق من قبل ابن عوف وغيره ، واللمز من قبل المنافقين.
(٧٤٠) عزاه المصنف لابن عباس من رواية أبي صالح وهو من رواية الكلبي ، فالخبر واه بمرة.
__________________
(١) سورة المنافقون : ٦.
(٢) سورة التوبة : ٥٣.