شخصياتهم وفي حركة حياتهم ، فلا يحب الذين يثيرون الفساد في الكون كله.
* * *
إنما أوتيته على علم عندي
(قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) فلا دخل لله في ذلك ، فقد خلقني الله من عدم ـ وهذه حقيقة أؤمن بها ـ ولكن المال الذي أملكه كان نتيجة جهدي الذاتي ، وفكري المتحرك في اتجاه مواجهة الأوضاع الاقتصادية في الحياة بالتخطيط الدقيق ، والحركة الزكيّة الدائمة ، والوسائل المتنوعة والوعي الكبير ، وهذه هي النتيجة الطبيعية للعلم الذي أملكه ، والإرادة التي أحرّكها.
وهذا هو منطق المستكبرين الغافلين الذين يرتبطون بالأمور بشكل مباشر من خلال الحس السطحي ، ولا ينفذون إلى أعماقها في جذورها الحقيقية الممتدة في عمق الأسباب الكامنة في واقع الأشياء. وهذا هو الذي حدثنا الله عنه في أكثر من آية ، كما في قوله تعالى : (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ* قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ* فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ* أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الزمر : ٤٩ ـ ٥٢] وفي قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ* فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [غافر : ٨٢ ـ ٨٣].
وهكذا كان هؤلاء ينطلقون في تفسيرهم وتقييمهم لما حصلوا عليه من