نتائج ومواقع وأموال كبيرة ، من طبيعة نبوغهم العلمي على أساس العلاقة بين الأشياء وأسبابها المادية ، ولا يحاولون الرجوع إلى طبيعة هذه الأسباب ، وعلاقتها بالنظام الكوني الذي أودع الله في داخله قوانينه الطبيعية ، وسننه الاجتماعية ، ووسائله المادية ، مما لم يكن له أيّة إمكانية في الوجود ، بعيدا عن إرادة الله وقدرته في حركة الحياة والإنسان ، الأمر الذي يجعل العلم من مفردات النظام العام للوجود ، وليس هو السبب الوحيد من جهة ، كما أنه ليس شأن الإنسان باستقلاله من جهة أخرى ، لأنه هبة العقل الذي خلقه الله ، وحركة الحواس التي أبدعها الله.
(أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً) فلو فكر بعلمه ، لرأى أن الله وحده هو الذي يعطي بإرادته في حركة قانون الحياة وهو الذي يمنع ويأخذ ، فهو القادر على السيطرة على دورة المال في الأرض وفي ملكية الإنسان له ، وهو وحده الذي يملك أمر الإنسان كله في وجوده وهلاكه ، ولا يملك أيّ شخص الخلاص من ذلك مهما كان قويّا في جسده وفي مركزه ، أو كان غنيا في ماله الذي اجتمع له. وليدرس تاريخ الذين سبقوه من أصحاب القوّة والمال والنفوذ ، فقد كانوا أشد منه قوّة وأكثر جمعا ، فقد استكبروا كما استكبر ، واغترّوا بعلمهم كما اغتر ، ولكن الله أهلكهم بذنوبهم وأخذهم بقوّته.
(وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) لأن أمرهم واضح ، وجريمتهم محقّقة ، فلا مجال فيها للأخذ والرد والسؤال والجواب ، لأن المسألة متصلة بالله الذي يعلم كل شيء ، ويهيمن على كل شيء ، ولهذا فإنه يأخذهم أخذ عزيز مقتدر من دون حاجة إلى أيّ سؤال أو أيّ تحقيق ، لأن ذلك كله من أجل معرفة الجريمة ، فإذا كانت واضحة ، فلا مجال للبحث عن وسائل الإثبات.
* * *