يرخصه الله له من نصيبه في الدنيا.
وقيل ـ كما في تفسير الميزان ـ «أي لا تترك ما قسم الله لك ورزقك من الدنيا ترك المنسي ، واعمل فيه لآخرتك لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا هو ما يعمل به لآخرته ، فهو الذي يبقى له» (١). وهو خلاف الظاهر إلا أن يكون راجعا إلى ما ذكرناه.
(وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) فقد أعطاك الله من نعمه الكثير ، من دون عوض إحسانا إليك ، فأعط الناس من ذلك ، على أساس الإحسان ، تأدّبا بأخلاق الله وشكر النعمة.
* * *
لا تبغ الفساد في الأرض
(وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) ولا تستخدم مالك وما آتاك الله من جاه وغيره في إفساد البلاد والعباد ، وتوجيه الحياة في حركتها في النموّ والامتداد نحو الفساد ، لتكون أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قائمة على القوانين الفاسدة ، والعلاقات الجائرة والأوضاع المنحرفة مما اعتادته القوى الكافرة والمستكبرة من استغلال مواقع نفوذها المالي والسياسي والاجتماعي ، في إفساد الواقع ، وتهديم قوى الخير والصلاح ، وإثارتها الفتن والحروب المدمّرة ، والاهتزاز الروحي في تحريك السلبيات في حياة الناس (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) لأن الله أقام الكون على الحق والتوازن والخير والصلاح في حركة التكوين والتشريع ، ويريد لخلقه أن يتمثلوا ذلك في وجودهم ، وبناء
__________________
(١) (م. س) ، ج : ١٦ ، ص : ٧٧.