ساحات الظالمين ، لأن الذين عاشوا تجربة الظلم ، هم من أكثر الناس معرفة بالبشاعة التي تتمثل بالظلم ، وبالجمال الرائع الذي يتحرك في شخصية العدل.
وقد نلاحظ أنه كيف يكون الطلب الذي يقدمه رسول رب العالمين هو إرسال بني إسرائيل معه لا الرسالة الموجهة إلى فرعون وقومه؟ ولكن هذه الملاحظة تزول إذا عرفنا أن ذلك هو الأسلوب الذي يراد به الإيحاء بالقوة ، ليكون المدخل للحديث عن رب العالمين وعن معنى التوحيد ، وعن الرسالة التي تتحرك في حياة العالمين جميعا ، في مفاهيمها وشرائعها ، كما ستجده في ما نستقبله من آيات ومما قدمناه في ما سبق منها.
* * *
ماذا نستوحي من هذا الأسلوب؟
وقد نستطيع أن نستوحي من هذا الأسلوب ، كيف يمكن للداعية أن يبحث عن المدخل للحديث عن الفكرة ، وتوجيه الحوار إليها ، من خلال المفردات الواقعية المثيرة للاهتمام التي تدعو إلى إثارة كثير من علامات الاستفهام حول الركائز التي ترتكز عليها هذه الأمور ، وإلى الدخول في جدل حولها ، في ما تمثله من مشاكل الساحة ، أو الناس الذين يعيشون فيها. فقد لا يكون من الضروري ـ دائما ـ أن نثير القضايا بشكل مباشر ، إذ ربما كان التفكير العام غير معنيّ بها في الأساس لعدم وجود ظروف ملائمة لذلك من ناحية نفسية وعملية ، مما يجعل من البحث عن موضوع مثير ، أمرا يحرّك الحديث عن أكثر الأمور اهتماما وحساسية وواقعية.
* * *