الداخلي الذي يتحول إلى أجواء الخيلاء والفخر.
وهذا ما يبغضه الله في الإنسان ، الذي يريد له أن يكون متوازنا في انفعالاته ، متواضعا في علاقاته ، هادئا في تأثره بالأشياء المحيطة به ممّا يفرح أو يحزن ، فإذا كان متكبرا مختالا متعاليا على الناس ، كان عبئا على الناس من حوله بما يثيره من انفعالات مضادّة لحريتهم وكرامتهم وإنسانيتهم ... وهكذا كان يريده العقلاء من قومه الذين عرفوا القيم من قاعدة الإيمان ، ولم يعرفوها من منطق الحجم المادي للأشياء ، فقد عايشوه في بداية أمره وأرادوه أن يبقى معهم ـ كما كان ـ إنسانا ينفعل بالإيمان ، أكثر مما ينفعل بالمال.
* * *
الفرق بين العمل الدنيوي والأخروي في الإسلام
(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) فهي الغاية لكل ما وهبه الله للإنسان في الدنيا ، فليس المقياس في أخروية العمل طبيعته الذاتية ، بل هو عنوانه وعمقه وهدفه ، فإن كان رضى الله هو العنوان الذي يأخذ منه العمل عنوانه وكانت الدار الآخرة في قيمها الروحية هي الهدف منه ، بحيث كان الأساس هو الحصول على الموقع المميز والدرجة الرفيعة هناك مما يلتقي مع القيم الكبيرة المعنوية التي تحقق مصلحة الإنسان في الحياة ، إذا كانت القضية هي هذه ، فإن العمل يكون أخرويا حتى لو كانت صورته مادية دنيويّة.
أمّا إذا كان الأساس في العمل ، هو الاستغراق في خصوصيات الدنيا ، في شهواتها ولذائذها ، وأنانيتها وامتيازاتها ، مما يتسابق الناس إليه ، كقيم الذات الضيقة وحاجاتها المحدودة مما لا ينفذ إلى أبعد من حدود الدنيا ، ولا يحمل في داخله همّا أخرويا وبعدا روحيا ، فهذا هو العمل الدنيوي حتى لو