وقيل : نزلت في أداء الوحي ، كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرأ القرآن وفيه عيّب دينهم وسبّ آلهتهم ، فسألوه أن يطوي ذلك ، فأنزل الله الآية (١).
وإننا نلاحظ على بعض هذه الروايات أنها توحي بأن هناك نوعا من عدم الثقة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في العدل في قسمة الغنائم بين أصحابه ، بحيث يخاف المسلمون من تصرفه معهم بهذه الطريقة التي عبر عنها القرآن بالخيانة ، ولا سيما في رواية الطلائع الذين لم يقسم لهم ، فنزلت الآية لتقول : ما كان لنبي أن يعطي قوما أو يمنع آخرين ، بل عليه أن يقسم بالسويّة ، وسمي حرمان بعض الغزاة غلولا تغليظا وتقبيحا لصورة الأمر أو مبالغة في النهي لرسول الله كما في قضية الرماة. وهذا مما لم نعهده في نظرة الصحابة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشكل عام ، مما يجعلنا نتحفظ في هذه الروايات ، فتكون الآية واردة في سبيل تقرير المبدأ لا في الرد على الكلمات الصادرة من الصحابة في هذا المجال. والله العالم.
وربما كانت الآية واردة تعليقا على التصور الذي كان يتصوره الرّماة في أحد عند ما تركوا مراكزهم ، أن النبي لا يحسب حسابهم في الغنائم عند القسمة ، فقد روي أنها نزلت في غنائم أحد حين ترك الرماة المركز وطلبوا الغنيمة وقالوا : نخشى أن يقول رسول الله : من أخذ شيئا من الغنائم فهو له ، وأن لا يقسم الغنائم كما لم يقسم يوم بدر. فقال لهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألم أعهد إليكم أن لا تتركوا المركز حتى يأتيكم أمري؟! فقالوا : تركنا بقيّة إخواننا وقوفا. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : بل ظننتم أننا نغل ولا نقسم لكم ... وذكر بعض الرواة وجوها أخرى في المناسبة التي نزلت فيها الآية ، وقد تكون هذه الرواية التي ذكرناها مناسبة للجوّ الذي نزلت فيه الآية ، لأنها واردة في سياق الحديث عن معركة أحد ... وقد لا تكون هناك مناسبة محدّدة للآية ، ولكنها تتحرك في إثارة كل الخلفيّات الفكرية التي يمكن أن تدور في أذهان المقاتلين كأساس للاهتزاز الذي
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٨٧٣.