ممن يستعين بهم الناس على تحقيق الانتصار في ساحة الحرب أو الوصول إلى الأهداف في مواقع التحدي ، فهو وحده الذي لا بد للمؤمنين من أن يلجأوا إليه ويستعينوا به ويتوكلوا عليه ، ليحصلوا على النتائج الكبرى ، فلا ملجأ إلا إليه ، ولا استعانة إلا به ، ولا توكل إلا عليه ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فهو نعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير.
* * *
قوة إلهية مطلقة مهيمنة
ويعود القرآن إلى المعركة من جديد ، ليقرّر للمؤمنين الحقيقة الإيمانيّة التي ينبغي لهم أن يتمثلوها في أعماقهم في كل معركة من معاركهم ، وهي أن الله هو القوّة المطلقة المهيمنة على الحياة في كل ما تشتمل عليه من انتصارات وهزائم ، فهو من وراء ذلك كله ، فإذا شاءت إرادته لهم النصر فلن تستطيع كل قوى الأرض أن تغلبهم وتهزمهم ، لأنه الذي يملك الأسباب العاديّة وغير العادية للأشياء ، فإذا تحرّكت أسباب النصر من خلاله ، فكيف يمكن للآخرين أن ينتصروا من دون سبب؟! وإذا شاءت إرادته الخذلان لهم ، لأنهم انحرفوا عن الخط المستقيم الذي يسير بهم نحو النصر واعتمدوا على أنفسهم وعلى الآخرين بعيدا عن الله ، فأدّى ذلك إلى أن يفقدوا لطف الله ورحمته ورعايته ، فمن هذا الذي يملك أسباب النصر من بعد الله ليحققوه من خلاله ، وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا بإذن الله ، فكيف يملكه للآخرين؟!
وفي هذا الجو الإيماني المتحرّك في خط الواقع في ما يريده الله للإنسان من خلال سنته في الكون ، تنطلق الدعوة للتوكل على الله في حياة المؤمنين ليستمدوا منه القوّة ، وليشعروا بالثقة من عنده ، فإنه لا مجال للقوّة إلا منه ولا للثقة إلا به.
* * *