والإرادة القويّة بعيدا عن كل السلبيات العاطفية ، ليستقبلوا ألطاف الله في مغفرته ورحمته.
الثانية : في قوله تعالى : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ).
إن المؤمن يعرف ـ من خلال إيمانه ـ أن الموت لا يمثل النهاية المحتومة التي ينتهي إليها وجوده ، فيغرق في أمواج العدم الباردة التي تملأ كيانه بالصقيع ، حتى يعيش الحسرة أمام الموت ، لأنه يفقد بذلك قوة الحياة في نعيمها ولذتها ، ولكنه يمثل الجسر الذي يلتقي فيه الإنسان بالله عند ما يحشر إليه مع كل الخلائق ، فيجد عنده الأمن والطمأنينة عند ما يقدم إليه حسابه فيوفيه أجره خالصا كاملا غير منقوص ، فيدفعه ذلك إلى استقبال حالة الموت بروح هادئة مطمئنة تستعجل لقاء الله طلبا لما عنده ، وذلك هو الفوز العظيم ...
* * *
ماذا نستوحي من الآيتين؟
وقد نحتاج إلى استيحاء هاتين الآيتين في واقع الجهاد الذي يخوضه المؤمنون الآن عند ما يلتقون بالمشاعر السلبية الحزينة التي يثيرها المجتمع المنحرف الخاضع لأساليب الكفر ، فيواجهون التجربة الصعبة عند أوّل حالة جهاد يخوضونها ويفقدون فيها إخوانهم ، وتتحرك التأوهات والتمنيات لتثير أمام المؤمنين مشاكل عاطفية ونفسية ... فقد ينبغي لنا ـ في هذا المجال ـ أن نثير هذه الأجواء القرآنية بشكل عميق تستيقظ فيه روحية الإيمان لتحرّك المشاعر الإنسانية في الاتجاه الصحيح ، وتوجّهها إلى الوجهة المستقيمة ، وذلك في ضمن خطّة تربوية مستمرة تعمل لتفريغ وجدان المسلمين من السلبيات الفكرية والشعورية التي قد يلتقون بها في مجتمعاتهم ، فيفقدون من خلال ذلك أصالة الشخصية وعمقها وامتدادها ، لأن مشكلة المسيرة الإسلامية في كثير من مظاهرها ، هي في أن المسلمين يغفلون عن بعض مستلزمات الإيمان ،