وقال راشد بن سعد : لما انصرف رسول الله كئيبا حزينا يوم أحد ، جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها مقتولين وهي تلدم (١). فقال رسول الله : أهكذا يفعل برسولك؟ فأنزل الله تعالى : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) الآية (٢). وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أبطأ على النساء الخبر ، خرجن يستخبرن ، فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير ، فقالت امرأة من الأنصار : من هذان؟ قالوا : فلان وفلان. أخوها وزوجها ، أو زوجها وابنها ، فقالت : ما فعل رسول الله؟ قالوا : حيّ ، قالت : فلا أبالي ، يتخذ الله من عباده الشهداء. ونزل القرآن على ما قالت : (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) (٣).
وقد أشرنا في أكثر من ملاحظة حول أسباب النزول ، أنها قد تكون اجتهادا من رواتها ، كما أن الغالب منها غير نقيّ السند ، وغير واضح الحجية ، ولعل هذه الروايات من أمثال تلك ، لأننا نتحفظ حول انفعال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو العارف بسنن الله في قضايا الهزيمة والنصر وحكمة الله في ابتلاء المؤمنين ومدى المصلحة في ذلك لمجرد سماعه امرأة تلدم ، ليقول مناجيا ربّه أهكذا يفعل برسولك ، وهكذا نلاحظ على نزول القرآن على ما قالت المرأة ، والله العالم.
* * *
وقفة نقد وتقويم
وتعود السورة من جديد إلى معركة أحد في وقفة نقد وتقويم لمواقف المسلمين فيها ، فقد أدّت الهزيمة في هذه المعركة إلى حالة شديدة في داخل
__________________
(١) اللدم : صوت الحجر ، أو الشيء يقع بالأرض وليس بالصوت الشديد.
(٢) أسباب النزول ، ص : ٦٩.
(٣) الدر المنثور ، ج : ٢ ، ص : ٣٣٣.