وحركته وبعده عن الخط المستقيم وقد أشار الله إلى بعض ذلك في قوله : (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٦١ ـ ٦٢] ؛ وقوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ) [الفتح : ٢٣].
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا) أيها المكذبون الضالون المتمردون على الرسالة والرسول ، وانظروا يا أيها الذين تواجهون خياراتكم في السير مع خط الرسالة والالتزام بها وفي الانفصال عنه ، (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الذين كذبوا الرسل ، وأعرضوا عن الرسالات ، فابتعدوا بذلك عن الحصول على مصالحهم الحيوية التي هي سرّ التشريعات الإيجابية ، والوقوع في المفاسد التي هي سرّ التشريعات السلبية ، ثم طواهم الزمن من خلال العقوبات التي أنزلها الله بهم أو من خلال البلاء القاسي المتنوع الذي حلّ بهم ، لتعرفوا أن مسألة التكذيب ليست مسألة سلبية في موقع صاحب الرسالة ، بل هي كذلك في حياة المكذّب نفسه لما يخسره من الخير ويقع فيه من الشرّ.
(هذا) النداء الإلهي الصادر من موقع الرحمة الواسعة واللطف العميم والفضل العظيم من أجل أن يدعوكم إلى ما يحييكم ويحقق لكم النتائج الكبيرة في الدنيا والآخرة ، (بَيانٌ لِلنَّاسِ) ليملكوا وضوح الرؤية للمسؤولية ، (وَهُدىً) يهتدون به إلى الصراط المستقيم ، (وَمَوْعِظَةٌ) تليّن قلوبهم وتفتحها وتلطّف مشاعرهم وأحاسيسهم ، وتوجّه خطواتهم إلى الطريق السوي ، (لِلْمُتَّقِينَ) الذين يخافون مقام ربهم ويخشونه ولا يخشون أحدا إلّا الله.
* * *