(مَوْعِظَةٌ) : الموعظة : ما يليّن القلب ويدعو إلى التمسك بما فيه من الزجر عن القبيح والدعاء إلى الجميل. وقيل : الموعظة هو ما يدعو بالرغبة إلى الحسنة بدلا من السّيّئة.
* * *
عبر التاريخ في أحداثه وظواهره
في الآية الأولى لفتة قرآنية للتاريخ في كل حوادثه القريبة والبعيدة ، ودعوة للناس إلى دراسة سنن الله في الأرض وقوانينه الحتميّة التي تحكم الواقع الإنساني في خطوات التقدم والتأخر ، والعمران والخراب ، والرقيّ والهبوط ؛ ليأخذوا من ذلك كله العبرة والدرس ، ويعرفوا أن عاقبة التكذيب للأنبياء ، والبعد عن خط الحق والشريعة ، هي الدمار والموت والانهيار ، وأنّ الحاضر لن يكون أفضل من الماضي في هذا الاتجاه لأنّ سنن الله لا تتغير. وفي ضوء ذلك ، نعرف أن القرآن الكريم يضع التاريخ في موضعه التربوي الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يعرف الأسس التي كانت ترتكز عليها حركته ، والقوانين الطبيعية التي تحكم أحداثه وظواهره في المجالات الاجتماعية والسياسية والحربية ... ويعرف في نهاية المطاف كيف يتحوّل الانسجام مع خط الله ـ عبر الإيمان به ـ إلى عنصر حضارة وتقدّم وانطلاق ، وكيف يتحرّك البعد عنه ـ عبر الكفر والشرك والضلال ـ إلى عنصر تخلّف وتأخر وارتباك ... وبذلك لا يعود التاريخ قصة للمتعة واللهو وقتل أوقات الفراغ.
وفي الآية الثانية ، إعلان عن طبيعة الآيات المتقدمة في ما تأمر به وما تنهى عنه ، وما تطرح من مفاهيم ومواعظ وإرشادات وقضايا ، ليعرف الناس أنها واردة من أجل إيضاح الحقيقة وجلاء المفاهيم ، وإنارة الطريق ، وموعظة الغافل التائه وتذكيره ... وقد اعتبرت ذلك كله ، موجّها إلى المتقين ، من خلال أن التقوى تدفع الإنسان إلى السعي نحو المعرفة باعتبارها مسئولية فكرية وعمليّة ،