تمكنوا من استغلالها واللعب على تناقضاتها بمختلف أساليب اللف والدوران ، التي كانت تصل بهم إلى أهدافهم من مواقع إثارة حالة الاضطهاد التي عانوها ، مما جعل العالم الأوروبي يعيش عقدة الذنب تجاه مشكلتهم ... هذا بالإضافة إلى ضعف المسلمين وانسحابهم من الساحة وتخاذلهم وابتعادهم عن القاعدة الفكرية التي تمنحهم قوّة الروح والموقف ؛ مما جعل كل فئة تعيش مشاكلها الخاصة بعيدا عن مشاكل بقية المسلمين ، وذلك من خلال الحدود والشخصيات المصطنعة التي وضعت لكل جماعة منهم ، فلم يواجهوا المخططات اليهودية بوجه واحد قويّ ، بل واجهوها بالأساليب المهزومة الضعيفة ؛ وربما حاول الكثيرون منهم أن يشاركوا في دعم تلك المخططات لحساب القوى الاستعمارية الكافرة التي يرتبطون بها سياسيا واقتصاديا وعسكريا ...
إن خلاصة الفكرة القرآنية هي أن اليهود شعب معقد معزول عن العالم من خلال العقد التاريخية والجرائم الكثيرة التي قام بها تجاه الحياة في مقدساتها وقضاياها ... فلا يمكن له أن يستقل ويتقدم ويأخذ بأسباب العزة من ناحية ذاتية ، بل لا بدّ في ذلك من وجود ظروف للآخرين تسهّل لهم مهمة القفز إلى المواقع التي تركها الآخرون أو سهلوا لهم أمر السيطرة عليها ...
(وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) في ضعف الروح التي تعيش الهزيمة. إن السبب في ذلك هو الكفر المستمر بآيات الله التي يظهرها على أيدي أنبيائه الذين لا يتعاطفون معهم ، وجرائمهم الكثيرة في قتل الأنبياء بغير حق ومعصيتهم وعدوانهم الأمر الذي فرض عليهم العقوبة في الدنيا والآخرة.
* * *