موقع الطلاق من التشريع الإسلامي
٥ ـ ربما يثير البعض اعتراضا على التشريع الإسلامي للطلاق ، لأنه يسيء إلى استقرار الحياة الزوجية عند ما يفسح المجال لفسخها في أيّة لحظة ، ولو من دون مبررات معقولة ، مما يسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية للزوجة وللأولاد بشكل خاص ... ولا يزال علماء الاجتماع يتابعون الحديث عن المشاكل الصعبة الناتجة عن ذلك ، من تعقيد لأولاد الطلاق في نطاق الإحصائيات الكثيرة البالغة الدلالة على النتائج الوخيمة للطلاق.
ولكننا نريد هنا أن نؤكّد على أن تشريع الطلاق ينسجم مع طبيعة الأشياء ، ومع طبيعة العلاقات الإنسانية التي تمثل العلاقة الزوجية إحدى مظاهرها ، لأنها مثل العلاقات التي تجمع الناس مع بعضهم تحت تأثير أي عنصر من العناصر المتنوعة : اجتماعية ، وفكرية ، وعاطفية ، واقتصادية ، ودينية ، وسياسية ... وقد يكون من الطبيعي أن يخضع استمرارها وامتدادها للظروف النفسية والحياتية التي يعيشها الطرفان ، فإن من الصعب بقاء أية علاقة بشكل طبيعي ومعقول في حالة فقدان العناصر التي تكفل الاستمرار.
ولنتصور ـ في هذا المجال ـ شريكين في علاقة مادية ، اختلّت ثقتهما ببعضهما البعض ، أو اكتشفا اختلاف أفكارهما أو مزاجيهما بالمستوى الذي تتحول فيه الشركة إلى مشاكل وحوادث يومية ... فإن الحل المعقول لذلك أن تفسخ الشركة لئلا تتحول الحياة بينهما إلى جحيم لا يطاق لكل من الطرفين. فإذا انتقلنا إلى العلاقة الزوجية ، رأيناها ترتكز على عنصري المودّة والرحمة ، وذلك في قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم : ٢١]