الحديث عن اعتزال النساء في الحيض ، هو أن لا يتعقد الناس مما قد تدفعهم إليه الغريزة من إتيان النساء في حال الحيض ، فيرتكبون ما حرمه الله ، فيسقطون تحت تأثير الذنب كما لو كان ذنبا لا يغتفر. فانطلقت الآية ، لتؤكد لهم أن الله قد فتح لهم باب التوبة ، فإذا ندموا على ذلك وعزموا على عدم العودة إليه ، فإنه يمنحهم محبته التي تنفتح على مغفرته وعفوه ورضوانه. وإذا تراجعوا عن البقاء في القذر المادي والروحي ، أحبهم الله ومنحهم مغفرته.
وإذا تحقق للمرأة الطهر ، وهو النقاء في تفسير البعض ، والاغتسال في تفسير آخرين ، فيمكن الرجوع إلى العلاقة الجنسية من حيث أمرهم الله. ويختلف المفسرون في هذه الكلمة ، فيرى البعض أن ذلك إشارة إلى المكان الطبيعي للجماع ، ويرى البعض أنه يعني الوجه الذي أمر الله أن يؤتى منه ، من دون ملاحظة لموضوع المحل الخاص ، بل يتصل بالحدود التي جعلها الله لذلك. وتختم الآية الحكم الشرعي بالإيحاء بضرورة التوبة في حالة الانحراف عن الخط الإسلامي في الأحكام الشرعية ، وبضرورة التطهر بالابتعاد عن كل الأوضاع التي توجب القذارة الجسدية والروحية ، وذلك للحصول على محبة الله الذي يحب التوابين ، باعتبار أن التوبة تمثل الشعور بالحاجة إلى رضى الله بعد التعرض لغضبه ، ويحب المتطهرين الذين يريدون أن يعيشوا الحياة في طهر جسدي وروحي ، ليحصلوا على رضى الله في ذلك.
* * *
المفسرون والفقهاء واختلافهم في كلمة «الحرث»
(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). أثار المفسرون والفقهاء في هذه الآية موضوع إباحة العلاقة الجنسية الشاذة بين الرجل والمرأة في نطاق العلاقة الزوجية ، فأباحه بعضهم انطلاقا من هذه الآية التي تبيح إتيان النساء في أي