(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣) إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٥٤)
____________________________________
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) أى ما ينتظر هؤلاء الكفرة بعدم إيمانهم به إلا ما يئول إليه أمره من تبين* صدقه بظهور ما أخبر به من الوعد والوعيد (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) وهو يوم القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) أى تركوه ترك المنسى من قبل إتيان تأويله (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ) أى قد تبين أنهم قد* جاءوا بالحق (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) اليوم ويدفعوا عنا العذاب (أَوْ نُرَدُّ) أى هل نرد إلى الدنيا وقرىء بالنصب عطفا على فيشفعوا أو لأن أو بمعنى إلى أن فعلى الأول المسئول أحد الأمرين إما الشفاعة لدفع العذاب أو الرد إلى الدنيا وعلى الثانى أن يكون لهم شفعاء إما لأحد الأمرين أو لأمر واحد هو الرد* (فَنَعْمَلَ) بالنصب على أنه جواب الاستفهام الثانى وقرىء بالرفع أى فنحن نعمل (غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) * أى فى الدنيا (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بصرف أعمارهم التى هى رأس مالهم إلى الكفر والمعاصى (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أى ظهر بطلان ما كانوا يفترونه من أن الأصنام شركاء الله تعالى وشفعاؤهم يوم القيامة (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) شروع فى بيان مبدأ الفطرة إثر بيان معاد الكفرة أى إن خالقكم ومالككم الذى خلق الأجرام العلوية والسفلية فى ستة أوقات كقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره أو فى مقدار ستة أيام فإن المتعارف أن اليوم زمان طلوع الشمس إلى غروبها ولم تكن هى حينئذ وفى خلق الأشياء مدرجا مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاختيار* واعتبار للنظار وحث على التأنى فى الأمور (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أى استوى أمره واستولى وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة الله تعالى بلا كيف والمعنى أنه تعالى استوى على العرش على الوجه الذى عناه منزها عن الاستقرار والتمكن والعرش الجسم المحيط بسائر الأجسام سمى به لارتفاعه أو* للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه وقيل الملك (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أى يغطيه به ولم يذكر العكس للعلم به أو لأن اللفظ يحتملهما ولذلك قرىء بنصب الليل ورفع النهار وقرىء بالتشديد* للدلالة على التكرار (يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) أى يعقبه سريعا كالطالب له لا يفصل بينهما شىء والحثيث فعيل من* الحث وهو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل أو من المفعول بمعنى حاثا أو محثوثا (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) أى خلقهن حال كونهن مسخرات بقضائه وتصريفه وقرىء كلها بالرفع على