(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥٢)
____________________________________
أنوفهم (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ) بعد هذا (وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) أو قيل لأصحاب الأعراف ادخلوا الجنة بفضل* الله تعالى بعد أن حبسوا وشاهدوا أحوال الفريقين وعرفوهم وقالوا لهم ما قالوا والأظهر أن لا يكون المراد بأصحاب الأعراف المقصرين فى العمل لأن هذه المقالات وما تتفرع هى عليه من المعرفة لا يليق بمن لم يتعين حاله بعد وقيل لما عيروا أصحاب النار أقسموا أن أصحاب الأعراف لا يدخلون الجنة فقال الله تعالى أو الملائكة ردا عليهم (أَهؤُلاءِ) الخ وقرىء ادخلوا ودخلوا على الاستئناف وتقديره دخلوا الجنة مقولا فى حقهم لا خوف عليكم (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) بعد أن استقر بكل من الفريقين القرار واطمأنت به الدار (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) أى صبوه وفيه دلالة على أن الجنة فوق النار (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) من سائر الأشربة ليلائم الإضافة أو من الأطعمة على أن الإفاضة عبارة عن الإعطاء بكثرة (قالُوا) استئناف مبنى على السؤال كأنه قيل فماذا قالوا فقيل قالوا (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) * أى منعهما منهم منعا كليا فلا سبيل إلى ذلك قطعا (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) كتحريم البحيرة والسائبة ونحوهما والتصدية حول البيت واللهو صرف الهم إلى ما لا يحسن أن يصرف إليه واللعب طلب الفرح بما لا يحسن أن يطلب (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) بزخارفها العاجلة (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) نفعل بهم ما يفعل* الناسى بالمنسى من عدم الاعتداد بهم وتركهم فى النار تركا كليا والفاء فى فاليوم فصيحة وقوله تعالى (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) فى محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أى ننساهم نسيانا مثل نسيانهم لقاء يومهم هذا حيث لم يخطروه ببالهم ولم يعتدوا له وقوله تعالى (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) عطف على* ما نسوا أى وكما كانوا منكرين بأنها من عند الله تعالى إنكارا مستمرا (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ) أى بينا معانيه من العقائد والأحكام والمواعظ والضمير للكفرة قاطبة والمراد بالكتاب الجنس أو للمعاصرين منهم والكتاب هو القرآن (عَلى عِلْمٍ) حال من فاعل فصلناه أى عالمين بوجه تفصيله حتى جاء حكيما أو* من مفعوله أى مشتملا على علم كثير وقرىء فضلناه أى على سائر الكتب عالمين بفضله (هُدىً وَرَحْمَةً) * حال من المفعول (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) لأنهم المغتنمون لآثاره المقتبسون من أنواره.*