(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥) وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) (٤٦)
____________________________________
محذوف لظهور المراد أو لإرادة التعميم كما أشير إليه والجملة مستأنفة أو حالية وقرىء ما كنا لنهتدى الخ بغير واو على أنها مبينة ومفسرة للأولى (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا) جواب قسم مقدر قالوه تبجحا واغتباطا* بما نالوه وابتهاجا بإيمانهم بما جاءتهم الرسل عليهمالسلام والباء فى قوله تعالى (بِالْحَقِّ) إما للتعدية فهى* متعلقة بجاءت أو للملابسة فهى متعلقة بمقدر وقع حالا من الرسل أى والله لقد جاءوا بالحق أو لقد جاءوا ملتبسين بالحق (وَنُودُوا) أى نادتهم الملائكة عليهمالسلام (أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ) أن مفسرة لما فى النداء من* معنى القول أو مخففة من أن وضمير الشأن محذوف ومعنى البعد فى اسم الإشارة إما لأنهم نودوا عند رؤيتهم إياها من مكان بعيد وإما لرفع منزلتها وبعد رتبتها وإما للإشعار بأنها تلك الجنة التى وعدوها فى الدنيا (أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فى الدنيا من الأعمال الصالحة أى أعطيتموها بسبب أعمالكم أو* بمقابلة أعمالكم والجملة حال من الجنة والعامل معنى الإشارة على (أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ) مبتدأ أو خبر أو الجنة صفة والخبر (أُورِثْتُمُوها) (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) تبجحا بحالهم وشماتة باصحاب النار وتحسيرا لهم لا لمجرد الإخبار بحالهم والاستخبار عن حال مخاطبيهم (أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا) حيث نلنا* هذا المنال الجليل (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) حذف المفعول من الفعل الثانى إسقاطا لهم عن رتبة* التشريف بالخطاب عند الوعد وقيل لأن ما ساءهم من الموعود لم يكن بأسره مخصوصا بهم وعدا كالبعث والحساب ونعيم أهل الجنة فإنهم قد وجدوا جميع ذلك حقا وإن لم يكن وعده مخصوصا بهم (قالُوا نَعَمْ) * أى وجدناه حقا وقرىء بكسر العين وهى لغة فيه (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) قيل هو صاحب الصور (بَيْنَهُمْ) أى* بين الفريقين (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) بأن المخففة أو المفسرة وقرىء بأن المشددة ونصب لعنة وقرىء* إن بكسر الهمزة على إرادة القول أو إجراء أذن مجرى قال (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) صفة مقررة للظالمين أو رفع على الذم أو نصب عليه (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) أى يبغون لها عوجا بأن يصفوها* بالزيغ والميل عن الحق وهو أبعد شىء منهما والعوج بالكسر فى المعانى والأعيان ما لم يكن منتصبا وبالفتح ما كان فى المنتصب كالرمح والحائط (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ) غير معترفين (وَبَيْنَهُما حِجابٌ) أى بين الفريقين كقوله تعالى (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) أو بين الجنة والنار ليمنع وصول أثر إحداهما إلى الأخرى (وَعَلَى الْأَعْرافِ) أى على أعراف الحجاب وأعاليه وهو السور المضروب بينهما جمع*