(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣٥)
____________________________________
للمبالغة فى الزجر عنه (بِغَيْرِ الْحَقِّ) متعلق بالبغى مؤكد له معنى (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) * تهكم بالمشركين وتنبيه على تحريم اتباع ما لا يدل عليه برهان (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) بالإلحاد* فى صفاته والافتراء عليه كقولهم والله أمرنا بها وتوجيه التحريم إلى قولهم عليه تعالى ما لا يعلمون وقوعه لا ما يعلمون عدم وقوعه قد مر سره (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) من الأمم المهلكة (أَجَلٌ) حد معين من الزمان مضروب لمهلكهم (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) إن جعل الضمير للأمم المدلول عليها بكل أمة فإظهار الأجل مضافا إليه لإفادة* المعى المقصود الذى هو بلوغ كل أمة أجلها الخاص بها ومجيئه إياها بواسطة اكتساب الأجل بالإضافة عموما يفيده معنى الجمعية كأنه قيل إذا جاءهم آجالهم بأن يجىء كل واحدة من تلك الأمم أجلها الخاص بها وإن جعل لكل أمة خاصة كما هو الظاهر فالإظهار فى موقع الإضمار لزيادة التقرير والإضافة إلى الضمير لإفادة أكمل التمييز أى إذا جاءها أجلها الخاص بها (لا يَسْتَأْخِرُونَ) عن ذلك الأجل (ساعَةً) أى شيئا* قليلا من الزمان فإنها مثل فى غاية القلة منه أى لا يتأخرون أصلا وصيغة الاستفعال للإشعار بعجزهم وحرمانهم عن ذلك مع طلبهم له (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أى ولا يتقدمون عليه وهو عطف على يستأخرون* لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه فى نفسه كالتأخر بل للمبالغة فى انتفاء التأخر بنظمه فى سلك المستحيل عقلا كما فى قوله سبحانه (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) فإن من مات كافرا مع ظهور أن لا توبة له رأسا قد نظم فى عدم القبول فى سلك من سوفها إلى حضور الموت إيذانا بتساوى وجود التوبة حينئذ وعدمها بالمرة وقيل المراد بالمجىء الدنو بحيث يمكن التقدم فى الجملة كمجىء اليوم الذى ضرب لهلاكهم ساعة فيه وليس بذاك وتقديم بيان انتفاء الاستيخار لما أن المقصود بالذات بيان عدم خلاصهم من العذاب وأما ما فى قوله تعالى (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) من سبق السبق فى الذكر فلما أن المراد هناك بيان سر تأخير إهلاكهم مع استحقاقهم له حسبما ينبىء عنه قوله تعالى (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) فالأهم هناك بيان انتفاء السبق (يا بَنِي آدَمَ) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى كافة الناس اهتماما بشأن ما فى حيزه (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) هى إن الشرطية ضمت إليها ما لتأكيد معنى الشرط ولذلك لزمت فعلها النون الثقيلة أو الخفيفة وفيه تنبيه على أن إرسال الرسل أمر حائز لا واجب عقلا (رُسُلٌ مِنْكُمْ) الجار متعلق بمحذوف هو صفة لرسل* أى كائنون من جنسكم وقوله (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) صفة أخرى لرسل أى يبينون لكم أحكامى* وشرائعى وقوله تعالى (فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) جملة شرطية وقعت جوابا*