(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) (٣٧)
____________________________________
للشرط أى فمن اتقى منكم التكذيب وأصلح عمله فلا خوف الخ وكذا قوله تعالى (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أى والذين كذبوا منكم بآياتنا وإيراد الاتقاء فى الأول للإيذان بأن مدار الفلاح ليس مجرد عدم التكذيب بل هو الاتقاء والاجتناب عنه وإدخال الفاء فى الجزاء الأول دون الثانى للمبالغة فى الوعد والمسامحة فى الوعيد (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) أى تقول عليه تعالى ما لم يقله أو كذب ما قاله أى هو أظلم من كل ظالم وقد مر* تحقيقه مرارا (أُولئِكَ) إشارة إلى الموصول والجمع باعتبار معناه كما أن إفراد الفعلين باعتبار لفظه وما فيه من معنى البعد للإيذان بتماديهم فى سوء الحال أى أولئك الموصوفون بما ذكر من الافتراء والتكذيب* (يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) أى مما كتب لهم من الأرزاق والأعمار وقيل الكتاب اللوح أى ما أثبت لهم فيه وأيا ما كان فمن الابتدائية متعلقة بمحذوف وقع حالا من نصيبهم أى ينالهم نصيبهم كائنا من الكتاب وقيل نصيبهم من العذاب وسواد الوجه وزرقة العيون وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما كتب لمن يفترى على الله سواد الوجه قال تعالى (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) * وقوله تعالى (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا) أى ملك الموت وأعوانه (يَتَوَفَّوْنَهُمْ) أى حال كونهم متوفين لأرواحهم يؤيد الأول فإن حتى وإن كانت هى التى يبتدأ بها الكلام لكنها غاية لما قبلها فلا بد أن يكون نصيبهم مما يتمتعون بها إلى حين وفاتهم أى ينالهم نصيبهم من الكتاب إلى أن يأتيهم ملائكة الموت فإذا* جاءتهم (قالُوا) لهم (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أى أين الآلهة التى كنتم تعبدونها فى الدنيا وما وقعت* مرصولة بأين فى خط المصحف وحقها الفصل لأنها موصولة (قالُوا) استئناف وقع جوابا عن سؤال* نشأ من حكاية سؤال الرسل كأنه قيل فماذا قالوا عند ذلك فقيل قالوا (ضَلُّوا عَنَّا) أى غابوا عنا أى لا ندرى* مكانهم (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) عطف على (قالُوا) أى اعترفوا على أنفسهم (أَنَّهُمْ كانُوا) أى فى الدنيا* (كافِرِينَ) عابدين لما لا يستحق العبادة أصلا حيث شاهدوا حاله وضلاله ولعله أريد بوقت مجىء الرسل وحال التوفى الزمان الممتد من ابتداء المجىء والتوفى إلى انتهائه يوم الجزاء باء على تحقق المجىء والتوفى فى كل ذلك الزمان بقاء وإن كان حدوثهما فى أوله فقط أو قصد بيان غاية سرعة وقوع البعث والجزاء كأنهما حاصلان عند ابتداء التوفى كما ينبىء عنه قوله صلىاللهعليهوسلم من مات فقد قامت قيامته وإلا فهذا السؤال والجواب وما ترتب عليهما من الأمر بدخول النار وما جرى بين أهلها من التلاعن