(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢٩)
____________________________________
لهم مطلقا واستحالة تمثلهم لنا (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ) جعل قبيله من جملته فجمع (أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) * أى جعلناهم بما أوجدنا بينهم من المناسبة أو بإرسالهم عليهم وتمكينهم من إغوائهم وحملهم على ما ولوا لهم أولياء أى قرناء مسلطين عليهم والجملة تعليل آخر للنهى وتأكيد للتحذير إثر تحذير (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) جملة مبتدأة لا محل لها من الإعراب وقد جوز عطفها على الصلة والفاحشة الفعلة المتناهية فى القبح والتاء لأنها مجراة على الموصوف المؤنث أو للنقل من الوصفية إلى الاسمية والمراد بها عبادة الأصنام وكشف العورة فى الطواف ونحوهما (قالُوا) جرابا للناهين عنها (وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) محتجين* بأمرين تقليد الآباء والافتراء على الله سبحانه ولعل تقديم المقدم للإيذان منهم بأن آباءهم إنما كاوا يفعلونها بأمر الله تعالى بها على أن ضمير أمرنا لهم ولآبائهم فحينئذ يظهر وجه الإعراض عن الأول فى رد مقالتهم بقوله تعالى (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) فإن عادته تعالى جارية على الأمر بمحاسن الأعمال والحث على* مراضى الخصال ولا دلالة فيه على أن قبح الفعل بمعنى ترتب الذم عليه عاجلا والعقاب آجلا عقلى فإن المراد بالفاحشة ما ينفر عنه الطبع السليم ويستقصه العقل المستقيم وقيل هما جوابا سؤالين مترتبين كأنه قيل لما فعلوها لم فعلتم فقالوا وجدنا عليها آباءنا فقيل لم فعلها آباؤكم فقالوا الله أمرنا بها وعلى الوجهين يمنع التقليد إذا قام الدليل بخلافه لا مطلقا (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) من تمام القول المأمور به والهمزة* لإنكار الواقع واستقباحه وتوجيه الإنكار والتوبيخ إلى قولهم عليه تعالى ما لا يعلمون صدوره عنه تعالى مع أن بعضهم يعلمون عدم صدوره عنه تعالى مبالغة فى إنكار تلك الصورة فإن إسناد ما لم يعلم صدوره عنه تعالى إليه تعالى إذا كان منكرا فإسناد ما علم عدم صدوره عنه إليه عزوجل أشد قبحا وأحق بالإنكار (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) بيان للمأمور به إثر نفى ما أسند أمره إليه تعالى من الأمور المنهى عنها والقسط العدل وهو الوسط من كل شىء المتجافى عن طرفى الإفراط والتفريط (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ) وتوجهوا إلى عبادته* مستقيمين غير عادلين إلى غيرها أو أقيموا وجوهكم نحو القبلة (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) فى كل وقت سجود أو* مكان سجود وهو الصلاة أو فى أى مسجد حضرتكم الصلاة عنده ولا تؤخروها حتى تعودوا إلى مساجدكم (وَادْعُوهُ) واعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أى الطاعة فإن مصيركم إليه بالآخرة (كَما بَدَأَكُمْ) أى أنشأكم ابتداء* (تَعُودُونَ) إليه بإعادته فيجازيكم على أعمالكم وإنما شبه الإعادة بالإبداء تقريرا لإمكانها والقدرة عليها وقيل* كما بدأكم من التراب تعودون إليه وقيل حفاة عراة غر لا تعودون إليه وقيل كما بدأكم مؤمنا وكافرا يعيدكم