(قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) (١٣)
(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (١٥)
____________________________________
(قالَ) استئناف كما سلف والفاء فى قوله تعالى (فَاهْبِطْ مِنْها) لترتيب الأمر على ما ظهر من اللعين من مخالفة الأمر وتعليله بالأباطيل وإصراره على ذلك أى فاهبط من الجنة والإضمار قبل ذكرها لشهرة كونه من سكانها قال ابن عباس رضى الله عنهما كانوا فى عدن لا فى جنة الخلد وقيل من زمرة الملائكة المعززين فإن الخروج من زمرتهم هبوط وأى هبوط وفى سورة الحجر (فَاخْرُجْ مِنْها) وأما ما قيل من أن المراد الهبوط من السماء فيرده أن وسوسته لآدم عليهالسلام كانت بعد هذا الطرد فلا بد أن يحمل على أحد الوجهين قطعا وتكون وسوسته على الوجه الأول بطريق النداء من باب الجنة كما روى عن الحسن البصرى وقوله تعالى (فَما يَكُونُ لَكَ) أى فما يصح ولا يستقيم لك ولا يليق بشأنك (أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) أى فى الجنة أو فى* زمرة الملائكة تعليل للأمر بالهبوط فإن عدم صحة أن يتكبر فيها علة للأمر المذكور فإنها مكان المطيعين الخاشعين ولا دلالة فيه على جواز التكبر فى غيرها وفيه تنبيه على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة وأنه تعالى إنما طرده لتكبره لا لمجرد عصيانه وقوله تعالى (فَاخْرُجْ) تأكيد للأمر بالهبوط متفرع على علته وقوله* تعالى (إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) تعليل للأمر بالخروج مشعر بأنه لتكبره أى من الأذلاء وأهل الهوان على* الله تعالى وعلى أوليائه لتكبرك وعن عمر رضى الله عنه من تواضع لله رفع الله حكمته وقال انتعش نعشك الله ومن تكبر وعدا طوره وهصه الله إلى الأرض (قالَ) استئناف كما مر مبنى على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل فماذا قال اللعين بعد ما سمع هذا الطرد المؤكد فقيل قال (أَنْظِرْنِي) أى أمهلنى ولا تمتنى (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أى آدم وذريته للجزاء بعد فنائهم وهو وقت النفخة الثانية وأراد اللعين بذلك أن يجد فسحة من إغوائهم ويأخذ منهم ثأره وينجو من الموت لاستحالته بعد البعث (قالَ) استئناف كما سلف (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) ورود الجواب بالجملة الاسمية مع التعرض لشمول ما سأله لآخرين على وجه يشعر بأن السائل تبع لهم فى ذلك صريح فى أنه إخبار بالإنظار المقدر لهم أزلالا إنشاء لإنظار خاص به إجابة لدعائه وأن استنظاره كان طلبا لتأخير الموت إذ به يتحقق كونه من جملتهم لا لتأخير العقوبة كما قيل أى إنك من جملة الذين أخرت آجالهم أزلا حسبما تقتضيه الحكمة التكوينية إلى وقت فناء غير ما استثناه الله تعالى من الخلائق وهو النفخة الأولى لا إلى وقت البعث الذى هو المسئول وقد ترك التوقيت للإيجاز ثقة بما وقع فى سورة الحجر وسورة ص كما ترك ذكر النداء والفاء فى الاستنظار والإنظار تعويلا على ما ذكر فيهما بقوله عزوجل (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وفى إنظاره ابتلاء للعباد وتعريض للثواب إن قلت لا ريب فى أن الكلام المحكى له عند صدوره عن المتكلم حالة