وما يظهر من جعل مستنده الإجماع فإنّما هو على تقدير الحضور ، أمّا في حال الغيبة فهو محلّ النزاع فلا يُجعل دليلاً فيه ، مع إطلاق القرآن الكريم (١) بالحثّ العظيم المؤكَّد بوجوهٍ كثيرة ، مضافاً إلى النصوص المتضافرة على وجوبها بغير الشرط المذكور ، بل في بعضها ما يدلّ على عدمه (٢) نعم ، يعتبر اجتماع باقي الشرائط ، ومنه الصلاة على الأئمة ولو إجمالاً ، ولا ينافيه ذكرُ غيرهم.
ولولا دعواهم الإجماع على عدم الوجوب العيني (٣) لكان القول به في غاية القوّة ، فلا أقلّ من التخييري مع رجحان الجمعة.
وتعبير المصنّف وغيره ب «إمكان الاجتماع» يريد به الاجتماع على إمام عدل؛ لأنّ ذلك لم يتّفق في زمن ظهور الأئمة غالباً ، وهو السرُّ في عدم اجتزائهم بها عن الظهر مع ما نُقل من تمام محافظتهم عليها (٤) ومن ذلك سرى الوهم (٥).
____________________
١) الجمعة : ٩.
٢) هو صحيحة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قال : «يجمّع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد ، والجمعة واجبة على كلّ أحد ، لا يعذر الناس فيها إلّاخمسة : المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبيّ» وفي معناها أخبار كثيرة (منه رحمه الله). لكنّ الراوي في هذه الصحيحة عن الصادق عليه السلام هو منصور بن حازم ، راجع التهذيب ٣ : ٢٣٩ ، الحديث ٦٣٦ ، والوسائل ٥ : ٨ ، الباب ٢ من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ٧ و ٥ ، الباب الأوّل من الأبواب ، الحديث ١٦.
٣) ادّعاه العلّامة في التحرير ١ : ٢٧٢ ومّمن ادّعاه صريحاً ـ ونسبه إلى علمائنا الإماميّة رضوان اللّٰه عليهم طبقةً بعد طبقة من عصر أئمّتنا عليهم السلام إلى عصرنا هذا ـ المحقّق الكركي في رسالة صلاة الجمعة ، رسائل المحقّق الكركي ١ : ١٤٧.
٤) أي بالحثّ والتحريض ، راجع الوسائل ٥ : ٥ ، الباب الأوّل من أبواب صلاة الجمعة ، الحديث ١٧ ـ ٢٨.
٥) إلى عدم وجوبها زمن الغيبة. المناهج السويّة : ١٩٤.