فعيل من السجن لقب به الكتاب لأنه سبب الحبس ، أو لأنه مطروح كما قيل : تحت الأرضين في مكان وحش ، وقيل هو اسم مكان والتقدير ما كتاب السجين ، أو محل كتاب مرقوم فحذف المضاف.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ(١٢) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(١٣)
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بالحق أو بذلك.
(الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) صفة مخصصة أو موضحة أو ذامة.
(وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ) متجاوز عن النظر غال في التقليد حتى استقصر قدرة الله تعالى وعلمه فاستحال منه الإعادة. (أَثِيمٍ) منهمك في الشهوات المخدجة بحيث أشغلته عما وراءها وحملته على الإنكار لما عداها.
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) من فرط جهله وإعراضه عن الحق فلا تنفعه شواهد النقل كما لم تنفعه دلائل العقل.
(كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)(١٧)
(كَلَّا) ردع عن هذا القول. (بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) رد لما قالوه وبيان لما أدى بهم إلى هذا القول ، بأن غلب عليهم حب المعاصي بالانهماك فيها حتى صار ذلك صدأ على قلوبهم فعمى عليهم معرفة الحق والباطل ،. فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات كما قال عليه الصلاة والسلام «إن العبد كلما أذنب ذنبا حصل في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه» والرين الصدأ ، وقرأ حفص (بَلْ رانَ) بإظهار اللام.
(كَلَّا) ردع عن الكسب الرائن. (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فلا يرونه بخلاف المؤمنين ومن أنكر الرؤية جعله تمثيلا لإهانتهم بإهانة من يمنع عن الدخول على الملوك ، أو قدر مضافا مثل رحمة ربهم ، أو قرب ربهم.
(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) ليدخلون النار ويصلون بها.
(ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) تقوله لهم الزبانية.
(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ)(٢٣)
(كَلَّا) تكرير ليعقب بوعد الأبرار كما عقب الأول بوعيد الفجار إشعارا بأن التطفيف فجور والإيفاء بر ، أو ردع عن التكذيب. (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ).
(وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ) الكلام فيه ما مر في نظيره.
(يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) يحضرونه فيحفظونه ، أو يشهدون على ما فيه يوم القيامة.
(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ) على الأسرّة في الحجال. (يَنْظُرُونَ) إلى ما يسرهم من النعم والمتفرجات.
(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ