(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) شديدة الاضطراب من الوجيف وهي صفة القلوب والخبر :
(أَبْصارُها خاشِعَةٌ) أي أبصار أصحابها ذليلة من الخوف ولذلك أضافها إلى القلوب.
(يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ)(١٢)
(يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) في الحالة الأولى يعنون الحياة بعد الموت من قولهم رجع فلان في حافرته أي طريقه التي جاء فيها ، فحفرها أي أثر فيها بمشيه على النسبة كقوله : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) أو تشبيه القابل بالفاعل وقرئ «في الحفرة» بمعنى المحفورة يقال حفرت أسنانه فحفرت حفرا وهي حفرة.
(أَإِذا كُنَّا) وقرأ نافع وابن عامر والكسائي (إِذا كُنَّا) على الخبر. عظاما ناخرة بالية وقرأ الحجازيان والشامي وحفص وروح (نَخِرَةً) وهي أبلغ.
(قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) ذات خسران أو خاسر أصحابها ، والمعنى أنها إن صحت فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها وهو استهزاء منهم.
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)(١٤)
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) متعلق بمحذوف أي لا يستصعبوها فما هي إلا صيحة واحدة يعني النفخة الثانية.
(فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا في بطنها ، والساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لأن السراب يجري فيها من قولهم : عين ساهرة للتي يجري ماؤها وفي ضدها نائمة ، أو لأن سالكها يسهر خوفا وقيل اسم لجهنم.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى(١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى)(١٩)
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) أليس قد أتاك حديثه فيسليك على تكذيب قومك وتهددهم عليه بأن يصيبهم مثل ما أصاب من هو أعظم منهم.
(إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) قد مر بيانه في سورة «طه».
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) على إرادة القول ، وقرئ «أن أذهب» لما في النداء من معنى القول.
(فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) هل لك ميل إلى أن تتطهر من الكفر والطغيان ، وقرأ الحجازيان ويعقوب (تَزَكَّى) بالتشديد.
(وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ) وأرشدك إلى معرفته. (فَتَخْشى) بأداء الواجبات وترك المحرمات ، إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة وهذا كالتفصيل لقوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً).
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى)(٢٢)
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) أي فذهب وبلغ فأراه المعجزة الكبرى وهي قلب العصا حية فإنه كان المقدم والأصل ، أو مجموع معجزاته فإنها باعتبار دلالتها كالآية الواحدة.
(فَكَذَّبَ وَعَصى) فكذب موسى وعصى الله عزوجل بعد ظهور الآية وتحقق الأمر.