(فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) الذي أنزل عليكم. (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم.
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ(١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ)(١٦٠)
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) يعني الملائكة ذكرهم باسم جنسهم وضعا منهم أن يبلغوا هذه المرتبة ، وقيل قالوا إن الله تعالى صاهر الجن فخرجت الملائكة ، وقيل قالوا الله والشياطين إخوان. (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ) إن الكفرة أو الإنس والجن إن فسرت بغير الملائكة (لَمُحْضَرُونَ) في العذاب.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) من الولد والنسب.
(إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) استثناء من المحضرين منقطع ، أو متصل إن فسر الضمير بما يعمهم وما بينهما اعتراض أو من (يَصِفُونَ).
(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ)(١٦٣)
(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) عود إلى خطابهم.
(ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) على الله. (بِفاتِنِينَ) مفسدين الناس بالإغواء.
(إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) إلّا من سبق في علمه أنه من أهل النار ويصلاها لا محالة ، و (أَنْتُمْ) ضمير لهم ولآلهتهم غلب فيه المخاطب على الغائب ، ويجوز أن يكون (وَما تَعْبُدُونَ) لما فيه من معنى المقارنة سادا مسد الخبر أي إنكم وآلهتكم قرناء لا تزالون تعبدونها ، ما أنتم على ما تعبدونه بفاتنين بباعثين على طريق الفتنة إلا ضالا مستوجبا للنار مثلكم ، وقرئ «صال» بالضم على أنه جمع محمول على معنى من ساقط واوه لالتقاء الساكنين ، أو تخفيف صائل على القلب كشاك في شائك ، أو المحذوف منه كالمنسي كما في قولهم : ما باليت به بالة ، فإن أصلها بالية كعافية.
(وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (١٦٦)
(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) حكاية اعتراف الملائكة بالعبودية للرد على عبدتهم والمعنى : وما منا أحد إلا له مقام معلوم في المعرفة والعبادة والانتهاء إلى أمر الله في تدبير العالم ، ويحتمل أن يكون هذا وما قبله من قوله (سُبْحانَ اللهِ) من كلامهم ليتصل بقوله : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ) كأنه قال ولقد علمت الملائكة أن المشركين معذبون بذلك وقالوا (سُبْحانَ اللهِ) تنزيها له عنه ، ثم استثنوا (الْمُخْلَصِينَ) تبرئة لهم منه ، ثم خاطبوا المشركين بأن الافتتان بذلك للشقاوة المقدرة ، ثم اعترفوا بالعبودية وتفاوت مراتبهم فيه لا يتجاوزونها فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) في أداء الطاعة ومنازل الخدمة.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) المنزهون الله عما لا يليق به ، ولعل الأول إشارة إلى درجاتهم في الطاعة وهذا في المعارف ، وما في إن واللام وتوسيط الفصل من التأكيد والاختصاص لأنهم المواظبون على ذلك دائما من غير فترة دون غيرهم. وقيل هو من كلام النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنين والمعنى : وما منا إلا له مقام معلوم في الجنة أو بين يدي الله يوم القيامة ، (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) له في الصلاة والمنزهون له عن السوء.
(وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ(١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(١٧٠)