الذين سموا أنفسهم
بالفاطميين ، وحاولوا أن يحلوا محل شريعة القرآن مجموعة من المذاهب والنحل
الفلسفية سجلها المقريزى فى خططه وكان مع الفاطميين الذهب ، وكان سب الشيخين يسطر
على جدران جامع عمرو بن العاص ، وكان الإرهاب بالرءوس المحمولة على الرماح فى
شوارع القاهرة. كان كل ذلك ، ولكن الناس لم يفتروا عن المظاهرات المعادية لتلك
النحلة الغريبة وهم يرفعون شعارا يسموا على كل اعتبار ، إذ كانوا يهتفون فى
مظاهراتهم قائلين : «معاوية خال على وخال المؤمنين» .. وأخيرا تحول الأزهر الشيعى
إلى الأزهر السنى بشيوخه من أهل السنة والجماعة إلى اليوم؟
أليس ذلك إعجازا
فى روح القرآن ومعناه؟
وإذا لم يكن
إعجازا فبم نسمى هذا النصر الساحق العجيب؟
أليست تلك الواحدة
أعجوبة فى التاريخ؟
أليست كافية فى شد
أنظار العالم كله إلى القرآن؟
وهو ما حدث
بالفعل. وهذه واحدة من إعجازات القرآن الروحية والمعنوية والسلوكية تضاف مثيلاتها
إليها فى العصر الحديث.
بقيت واحدة نكتفى
بها لضيق المقام يمكن أن تكون منطلقا إلى غيرها.
ذلك : أنه لا يوجد
فى التاريخ كله كتاب سماوى ولا كتاب وضعه بشر ، يمكن أن يكون مصدرا لحقائق العلم
والمعرفة كلها دون أن يشذ منها شىء إلّا القرآن.
كتاب ذو موضوع
واحد ، تدور حقائقه كلها حول ذلك الموضوع لإثباته ، وفى تطوافه بين الحقائق لإثبات
حقيقته العظمى يستبطن كل العلوم والمعارف ما كان منها موجودا من قبل تدوينه ، وما
كان فى عصر تدوينه ، وما جد بعد عصر تدوينه إلى أن تقوم الساعة. كتاب مثل هذا
الكتاب لم ولن يوجد إلّا فى كتاب الله المبين ، القرآن الحكيم العزيز