الكلام لما طال بصلته أعاد إن واسمها ، وثم ، وذكر الخبر ، ومثله : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) «٢٣ : ٣٥» أعاد أن واسمها لمّا طال الكلام.
٢٧١ ـ قوله : (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا) (١٢٧) ، وفى النمل : (وَلا تَكُنْ) (٧٠) بإثبات النون. هذه الكلمة كثر دورها فى الكلام ، فحذف النون منها تخفيفا من غير قياس ، بل تشبيها بحروف العلة ، ويأتى ذلك فى القرآن فى بضع عشرة موضعا ، تسعة منها بالتاء ، وثمانية بالياء ، وموضعان بالنون ، وموضع بالهمزة ، وخصّت هذه السورة بالحذف دون النمل موافقة لما قبلها وهو قوله : (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٢٠).
والثانى : إن هذه الآية نزلت تسلية للنبى صلىاللهعليهوسلم حين قتل عمه حمزة ومثّل به ، فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لأفعلن بهم ولأصنعن» ، فأنزل الله تعالى : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) «١٢٦ ، ١٢٧» (١) فبالغ فى الحذف ليكون ذلك مبالغة فى التسلى ، وجاء فى النمل على القياس ، ولأن الحزن هنا دون الحزن هناك.
سورة الإسراء
٢٧٢ ـ قوله تعالى : (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (٩). وخصت سورة الكهف بقوله : (أَجْراً حَسَناً) (٢) ، لأن الأجر فى السورتين : الجنة. والكبير والحسن من أوصافها ، لكن خصت هذه السورة بالكبير موافقة لفواصل الآى قبلها وبعدها ، وهى : (حَصِيراً (٨) ـ أَلِيماً (١٠) ـ عَجُولاً (١١)). وجلها وقع قبل آخرها مدة ، وكذلك فى سورة الكهف جاء على
__________________
(١) أخرجه أحمد فى المسند (٥ / ١٣٥) ، والترمذى (١ / ٨٩) طبع الهند والسيوطى فى الدر المنثور (٤ / ١٣٥) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبى حاتم وابن حبان والبيهقى فى الدلائل.