قلت : ما جاء من الآيات فلجمع الدلائل ، وما جاء من الآية
فلوحدانية المدلول عليه. فلما ذكر عقيبه المؤمنون وهم المقرون بوحدانية الله تعالى
وحد الآية ، وليس لها نظير فى القرآن إلّا فى العنكبوت ، وهو قوله تعالى : (خَلَقَ اللهُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) (٤٤) ، فوحد بعد ذكر الجمع لما ذكرت والله أعلم.
سورة النّحل
٢٥٧ ـ قوله فيها
فى موضعين : (إِنَّ
فِي ذلِكَ لَآياتٍ) «١٢ ، ٧٩» بالجمع.
وفى خمس مواضع : (إِنَّ
فِي ذلِكَ لَآيَةً) على الوحدة. أما الجمع فلموافقة قوله : (مُسَخَّراتٌ) فى الآيتين ، لتقع الموافقة فى اللفظ والمعنى ، وأما
التوحيد فلتوحيد المدلول عليه.
ومن الخمس قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٣) وليس له نظير ، وخص الذكر لاتصاله بقوله : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ
فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) (١٣) ، فإن اختلاف ألوان الشيء وتغير أحواله يدل على صانع حكيم
فما يشبهه شىء ، فمن تأمل فيها تذكر.
ومن الخمس : (إِنَّ
فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) «١١ ، ٦٩» فى
موضعين ، وليس لهما نظير ، وخصّتا بالتفكر ، لأن الأولى : متصلة بقوله : (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ
الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) (١١) وأكثرها للأكل ، وبه قوام البدن ، فيستدعى تفكرا وتأملا ،
ليعرف به المنعم عليه فيشكر ، والثانية : متصلة بذكر النحل ، وفيها أعجوبة من
انقيادها لأميرها ، واتخاذها البيوت على أشكال يعجز عنها الحاذق ، ثم تتبعها الزهر
والطل من الأشجار ، ثم خروج ذلك
__________________