مِنّي ـ فَقالَ لي : قالَ لِيَ الأَميرُ مُنصَرَفَهُ مِن دارِ الخَليفَةِ : حَبَسَ أميرُ المُؤمِنينَ هذَا الَّذي يَقولونَ «ابنُ الرِّضَا» اليَومَ ، ودَفَعَهُ إلى عَلِيِّ بنِ كِركِرَ ، فَسَمِعتُهُ يَقولُ :
أنَا أكرَمُ عَلَى اللّه مِن ناقَةِ صالِحٍ (تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثَلَ ـ ثَةَ أَيَّامٍ ذَ لِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) ١ ولَيسَ يُفصِحُ بِالآيَةِ ولا بِالكَلامِ ، أيُّ شَيءٍ هذا؟
قالَ : قُلتُ : أعَزَّكَ اللّه تَوَعَّدَ ، انظُر ما يَكونُ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ.
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ أطلَقَهُ وَاعتَذَرَ إلَيهِ ، فَلَمّا كانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ وَثَبَ عَلَيهِ باغز ويغلون وتامش وجَماعَةٌ مَعَهُم فَقَتَلوهُ ، وأقعَدوا المُنتَصِرَ وَلَدَهُ خَليفَةً. ٢
١٦٠٤. مُهج الدعوات عن زرافة حاجب المتوكّل ـ وكان شيعيّا ـ : كانَ المُتَوَكِّلُ يُحظِي الفَتحَ بنَ خاقانَ عِندَهُ ، وقَرَّبَهُ مِنهُ دونَ النّاسِ جَميعا ، ودونَ وُلدِهِ وأهلِهِ ؛ أرادَ أن يُبَيِّنَ مَوضِعَهُ عِندَهُم ، فَأَمَرَ جَميعَ مَملَكَتِهِ مِنَ الأَشرافِ مِن أهلِهِ وغَيرِهِم وَالوُزَراءِ وَالاُمَراءِ وَالقُوّادِ وسائِرِ العَساكِرِ ووُجوهِ النّاسِ أن يَزَّيَّنوا بِأَحسَنِ التَّزيينِ ، ويَظهَروا في أفخَرِ عُدَدِهِم وذَخائِرِهِم ، ويَخرُجوا مُشاةً بَينَ يَدَيهِ ، وأن لا يَركَبَ أحَدٌ إلاّ هُوَ وَالفَتحُ بنُ خاقانَ خاصَّةً بِسُرَّ مَن رَأى. ومَشَى النّاسُ بَينَ أيديهِما عَلى مَراتِبِهِم رَجّالَةً ، وكانَ يَوما قائِظا شَديدَ الحَرِّ.
وأخرَجوا في جُملَةِ الأَشرافِ أبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ ، وشَقَّ عَلَيهِ عليهالسلام ما لَقِيَهُ مِنَ الحَرِّ وَالزَّحمَةِ.
قالَ زَرافَةُ : فَأَقبَلتُ إلَيهِ عليهالسلام وقُلتُ لَهُ : يا سَيِّدي ، يَعِزُّ وَاللّه عَلَيَّ ما تَلقى مِن هذِهِ الطُّغاةِ!! وما قَد تَكَلَّفتَهُ مِنَ المَشَقَّةِ!! وأخَذتُ بِيَدِهِ ، فَتَوَكَّأَ عليهالسلام عَلَيَّ ، وقالَ عليهالسلام : يا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. هود : ٦٥.
٢. إعلام الورى : ج ٢ ص ١٢٢ ، الثاقب في المناقب : ص ٥٣٦ ح ٤٧٣ عن الحسن بن محمّد بن جمهور ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٤٠٧ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ٥٠ ص ١٨٩ ح ١.